فَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ تَرَكُوا فِيهَا قَوْمًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَوَوْا عَلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ إذَا أَعَانَهُمْ أَهْلُ الذِّمَّةِ فَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ نَكُونُ ذِمَّةً لَكُمْ وَتَخْلُفُونَ قَوْمًا نُقَاتِلُ مَعَهُمْ فَلَيْسَ يَنْبَغِي لِلْأَمِيرِ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا؛ لِوَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّ فِي هَذَا تَعْرِيضًا لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى الْهَلَاكِ إذْ أَهْلُ الذِّمَّةِ كُفَّارٌ فَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يَغْدِرُوا بِهِمْ، وَيَقْتُلُوهُمْ؛ وَلِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ إذَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى إجْرَاءِ حُكْمِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا بِرِضَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَانَ أَهْلُ الذِّمَّةِ هُمْ الَّذِينَ يُجْرُونَ أَحْكَامَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ لَا يُجْرِيهَا إلَّا الْمُسْلِمُونَ.
4341 - فَإِنْ طَلَبَ أَهْلُ الرِّدَّةِ الْمُوَادَعَةَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَنْظُرُوا فِي أَمْرِهِمْ فَلَا بَأْسَ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُوَادِعُوهُمْ؛ لِحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَإِنَّهُ قَالَ: هَلَّا حَبَسْتُمُوهُ فِي بَيْتٍ وَطَيَّنْتُمْ عَلَيْهِ بَابًا، وَاسْتَتَبْتُمُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. فَإِنْ ثَبَتَ فِي الْوَاحِدِ ثَبَتَ فِي الْجَمَاعَةِ.
4342 - وَأَهْلُ الْبَغْيِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِثْلُ الْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ إذَا طَلَبُوا إلَى الْمُسْلِمِينَ الْمُوَادَعَةَ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ حَتَّى يَنْظُرُوا فِي أَمْرِهِمْ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُوَادِعَهُمْ أَهْلُ الْعَدْلِ. لِأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ فَهُمْ أَوْلَى بِالْمُوَادَعَةِ مِنْ الْمُرْتَدِّينَ. وَلَكِنْ لَا يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْعَدْلِ أَنْ يَأْخُذُوا عَلَى ذَلِكَ خَرَاجًا.