فَإِنْ نَهَاهُ أَمِيرُ الثَّغْرِ عَنْ الْقِسْمَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ أَحَدًا. لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ مِنْ جِهَةِ الْوَالِي فَلَا يَتَعَدَّى أَمْرَهُ، إلَّا أَنْ يَخَافَ الْأُسَرَاءَ، فَحِينَئِذٍ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُمْ، كَمَا يَقْتُلُهُمْ فِي حَالَةِ الْمُحَارَبَةِ.

4332 - وَلَوْ أَنَّ جُنْدًا دَخَلَ أَرْضَ الْحَرْبِ عَلَيْهِمْ أَمِيرٌ مِنْ قِبَلِ الْخَلِيفَةِ، فَوَجَّهَ السَّرَايَا حِينَ دَخَلَ أَرْضَ الْحَرْبِ، وَلَمْ يُنَفِّلْهُمْ شَيْئًا، فَأَصَابَتْ السَّرَايَا غَنَائِمَ، فَلَيْسَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أُمَرَاءِ السَّرَايَا أَنْ يَقْسِمُوا شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْغَنَائِمِ حَتَّى يَأْتُوا بِهَا إلَى الْعَسْكَرِ. لِأَنَّ الْعَسْكَرَ رِدْءٌ لِلسَّرِيَّةِ، فَلَهُمْ شَرِكَتُهُمْ فِيمَا يُصِيبُونَ، وَأَمِيرُ السَّرِيَّةِ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى السَّرِيَّةِ، وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الْجُنْدِ، فَلَوْ جَازَ قِسْمَةُ أَمِيرِ السَّرِيَّةِ كَانَ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّ الْعَسْكَرِ مِنْ غَيْرِ وِلَايَةٍ لَهُ عَلَيْهِمْ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، بِخِلَافِ السَّرِيَّةِ الَّتِي تَدْخُلُ أَرْضَ الْإِسْلَامِ إذَا أَصَابُوا غَنَائِمَ فَقَسْمُ أَمِيرِ السَّرِيَّةِ مَا أَصَابُوا بَيْنَ السَّرِيَّةِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَا شَرِكَةَ لِغَيْرِ السَّرِيَّةِ فِيمَا أَصَابُوا، فَتَصَرُّفُ الْأَمِيرِ لَا يَعْدُو السَّرِيَّةَ إلَى غَيْرِهِمْ، وَلَهُ وِلَايَةٌ عَلَى السَّرِيَّةِ فَجَازَتْ قِسْمَتُهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ.

4333 - فَإِنْ كَانَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ أَمَرَ أَمِيرَ السَّرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَ مَا أَصَابُوا وَيَقْسِمَ بَيْنَ السَّرِيَّةِ مَا أَصَابُوا فَفَعَلَ ذَلِكَ جَازَ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ الْعَسْكَرِ إذَا قَسَمُوا فِيهِ نَصِيبٌ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا أَمَرَهُ بِالْقِسْمَةِ فَقَدْ جَعَلَ مَا أَصَابُوا لِلسَّرِيَّةِ خَاصَّةً، وَقَطَعَ حَقَّ الْعَسْكَرِ عَمَّا أَصَابُوا، ثُمَّ هَذَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ جُعْلًا فَإِنَّهُ فَصْلٌ يَسَعُ فِيهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015