وَمَا أَدَّى إلَى الضِّيقِ وَالْحَرَجِ وَتَنْفِيرِ النَّاسِ عَنْهُ كَانَ حُكْمُهُ سَاقِطًا. وَلِأَنَّ الْمَالِكَ لَمَّا حَبَسَهُ عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّ الَّذِي حَبَسَهُ عَلَيْهِ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ قَلِيلِ الرُّكُوبِ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ الْغَزْوِ، يَكُونُ كَالرَّاضِي بِرُكُوبِهِ ذَلِكَ الْقَدْرَ فِي غَيْرِ الْغَزْوِ، وَكَانَ سَبِيلُهُ سَبِيلَ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ وَلَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ بِالشَّيْءِ الْكَثِيرِ.
وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ لَيْسَ بِثَابِتٍ لَهُ لِمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلتُّجَّارِ مِنْ ذَلِكَ، فَصَارَ كَالْمَأْذُونِ مِنْ جِهَةِ الْمَوْلَى دَلَالَةً، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْإِذْنُ إفْصَاحًا وَصَرِيحًا، فَكَذَلِكَ هَا هُنَا. وَلَا يَرْكَبُهُ خَارِجًا مِنْ الْمِصْرِ عَلَى مَسِيرَةِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ.
وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ؛ لِأَنَّ لَهُ بُدًّا مِنْ ذَلِكَ الرُّكُوبِ، وَالْقَلِيلُ هُوَ الْمُسْتَحْسَنُ دُونَ الْكَثِيرِ.
4214 - فَإِنْ رَكِبَهُ لِيَسْقِيَهُ أَوْ لِيَشْتَرِيَ لَهُ عَلَفًا أَوْ حَمَلَ عَلَيْهِ عَلَفًا لَهُ، أَوْ بَعْضَ الْمَنَافِعِ لِلْفَرَسِ، فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ.
لِأَنَّ مَنْفَعَةَ هَذَا الرُّكُوبِ تَرْجِعُ إلَى الدَّابَّةِ، فَلَا يَكُونُ بِهِ بَأْسٌ فِي الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ.
4215 - وَكَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ اشْتَرَى فَرَسًا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَكِبَهُ لِيَسْقِيَهُ أَوْ لِيَحْمِلَ طَعَامَهُ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ