لِأَنَّ هَذَا إيثَارُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ بِعَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ فِي حُكْمِ الْمُسْلِمِينَ. وَقَوْلُهُ: إنَّ جَمِيعَ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ مِيرَاثٌ بَيْنَ وَرَثَتِهِ إخْبَارٌ مِنْهُ بِأَنَّ الْمَرِيضَ مَتَى أَعْطَى عَيْنًا لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ حَقَّهُ مِنْ الْمِيرَاثِ، أَوْ أَوْصَى بِأَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ إلَيْهِ بِحَقِّهِ مِنْ الْمِيرَاثِ، أَنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ لَا يَجُوزُ أَلْبَتَّةَ، فَإِنَّهُ قَالَ: فَجَمِيعُ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ مِيرَاثٌ بَيْنَ وَرَثَتِهِ.
- وَإِنْ جَعَلَ كُلَّهُ لِابْنٍ وَاحِدٍ مِنْ بَنِيهِ دُونَ مَنْ سِوَاهُ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُوَادِعٌ، فَوَثَبَ لَهُ ابْنٌ آخَرُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى أَخِيهِ فَقَتَلَهُ، وَظَهَرَ عَلَى مَا فِي يَدِهِ، أَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ وَلَكِنْ نَفَاهُ إلَى أَرْضِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أَسْلَمُوا جَمِيعًا جَازَ لِلِابْنِ الْقَاهِرِ مَا صَنَعَ، وَكَانُوا جَمِيعًا عَبِيدًا لَهُ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ الْقَهْرَ فِي دَارِ الْحَرْبِ سَبَبُ مِلْكِ الْحَرْبِيِّ، وَالِابْنُ الْقَاهِرُ مَلَكَ عَبِيدَ أَخِيهِ الْمَقْهُورِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، فَبَقُوا عَلَى مِلْكِهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانَ الِابْنُ الْقَاهِرُ صَنَعَ ذَلِكَ وَهُمَا مُسْلِمَانِ رَدَّ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَمْلِكُ مَالَ مُسْلِمٍ آخَرَ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ، فَكَيْفَ يَمْلِكُ مَالُ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ.
- وَإِنْ كَانَ الِابْنُ الْقَاهِرُ مُحَارِبًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَالِابْنُ الْمَقْهُورُ مُسْلِمًا، فَجَمِيعُ مَا صَنَعَ مِنْ ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ إنْ أَسْلَمَ أَوْ صَارَ ذِمَّةً