أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى هَدْيٍ يَبْعَثُهُ لِيَتَحَلَّلَ بِهِ، فَإِنَّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ كَانَ يَقُولُ يَتَحَلَّلُ بِصَوْمِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، بِالْقِيَاسِ عَلَى هَدْيٍ الْمُتْعَةِ. وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ كَانُوا يَقُولُونَ يَتَحَلَّلُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، فَأَمَّا الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِالْهَدْيِ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُحْصَرِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ، وَهُوَ التَّحَلُّلُ بِالْهَدْيِ خَاصَّةً، وَكَوْنُ الصَّوْمِ بَدَلًا عَنْ الْهَدْيِ فِي الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ هُنَا.
وَلَا يُقَاسُ الْمَنْصُوصُ عَلَى الْمَنْصُوصِ عِنْدَنَا، إنَّمَا يُقَاسُ عَلَى التَّنْزِيلِ، وَأَمَّا التَّنْزِيلُ لَا يُقَاسُ بِعَيْنِهِ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، لِأَنَّ الْحُكْمَ الْمَعْلُومَ بِالتَّنْزِيلِ مَقْطُوعٌ بِهِ، وَمَا ثَبَتَ بِالرَّأْيِ لَا يَكُونُ مَقْطُوعًا بِهِ، وَقَدْ اسْتَقْصَيْنَا هَذَا فِيمَا أَمْلَيْنَاهُ فِي (تَمْهِيدِ الْفُصُولِ فِي الْأُصُولِ) . وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.