228 - وَإِنْ كَانَ لَهُ أَبٌ وَأُمُّ أَبٍ فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخْرُجَ حَتَّى يَأْذَنَا لَهُ؛ لِأَنَّ أُمَّ الْأَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ سِوَاهَا أَحَدٌ مِنْ الْأُمَّهَاتِ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ، أَلَا تَرَى أَنَّ حَقَّ الْحَضَانَةِ لَهَا؟ وَأَشَارَ فِي الْكِتَابِ إلَى أَنَّ لَهُ مُخَالِفًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَنْ هُوَ. فَكَأَنَّ هَذَا الْمُخَالِفَ يَقُولُ: أُمُّ الْأَبِ تُدْلِي بِالْأَبِ. وَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرُ إذْنُ الْجَدِّ الَّذِي يُدْلِي بِالْأَبِ مَعَ الْأَبِ لَمْ يُعْتَبَرْ إذْنُ أُمِّ الْأَبِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، وَهَذَا فَاسِدٌ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ أُمٌّ، وَأُمُّ أَبٍ، فَأَذِنَتْ لَهُ الْأُمُّ كَانَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ، وَلَوْ كَانَ أُمَّ الْأَبِ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْإِدْلَاءِ كَالْأَبِ أَوْ كَالْجَدِّ أَبِي الْأَبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَّا بِإِذْنِهِمَا.
- قَالَ: وَكُلُّ سَفَرٍ أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُسَافِرَ غَيْرَ الْجِهَادِ لِتِجَارَةٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَكَرِهَ ذَلِكَ أَبَوَاهُ، وَهُوَ لَا يَخَافُ عَلَيْهِمَا الضَّيْعَةَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي هَذِهِ الْأَسْفَارِ السَّلَامَةُ، وَلَا يَلْحَقُهُمَا فِي خُرُوجِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ، فَإِنَّ الْحُزْنَ بِحُكْمِ الْغَيْبَةِ يَنْدَفِعُ بِالطَّمَعِ فِي الرُّجُوعِ ظَاهِرًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ سَفَرًا مَخُوفًا عَلَيْهِ مِنْهُ، نَحْوُ رُكُوبِ الْبَحْرِ، فَحِينَئِذٍ حُكْمُ هَذَا وَحُكْمُ الْخُرُوجِ إلَى الْجِهَادِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ خَطَرَ الْهَلَاكَ فِيهِ أَظْهَرُ.