وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَأْسُورُ مِنْهُ وَاحِدًا وَمَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ، فَإِنَّ هُنَاكَ لَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا أَخْذَ النِّصْفِ بِغَيْرِ رِضَا مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْمِلْكِ هُنَاكَ لِلْمُورَثِ، وَالْوَرَثَةُ يَقُومُونَ مَقَامَهُ، وَهُوَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ كَانَ لَا يَمْلِكُ أَخْذَ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ، وَلَكِنْ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ الْكُلَّ أَوْ يُسَلِّمَ الْكُلَّ، فَكَذَلِكَ الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي إذَا سَلَّمَ أَحَدُ الْوَارِثِينَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَسْلِيمًا مِنْهُمَا، كَمَا لَوْ كَانَ الْمُورَثُ حَيًّا فَسَلَّمَ النِّصْفَ وَسَكَتَ عَنْ النِّصْفِ الثَّانِي.

قُلْنَا: لَا فَرْقَ، فَهُنَاكَ لَوْ قَالَ الْمُورَثُ: أُسَلِّمُ النِّصْفَ عَلَى أَنْ آخُذَ النِّصْفَ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَسْلِيمًا مِنْهُ، كَمَا لَا يَكُونُ تَسْلِيمُ أَحَدِ الْوَارِثَيْنِ هَا هُنَا تَسْلِيمًا فِي حَقِّ الْآخَرَ، إلَّا أَنَّ هُنَاكَ الْمُورَثَ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ التَّسْلِيمِ فِي الْكُلِّ، فَيُجْعَلُ تَسْلِيمُهُ الْبَعْضَ مُطْلَقًا كَتَسْلِيمِ الْكُلِّ، كَمَا فِي الشُّفْعَةِ، وَهَا هُنَا أَحَدُ الْوَارِثَيْنِ لَا يَمْلِكُ التَّسْلِيمَ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ، فَيَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ تَسْلِيمِ الْمُورَثِ النِّصْفَ، بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ.

3941 - وَلَوْ غَلَبَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى دَارِهِمْ، ثُمَّ وَقَعَتْ فِي سَهْمِ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَهَدَمَ بَعْضَ بِنَائِهَا، ثُمَّ حَضَرَ صَاحِبُهَا الَّذِي كَانَتْ لَهُ، فَأَرَادَ أَخْذَهَا، فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا وَيَأْخُذُ الْبَعْضَ إنْ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ.

لِأَنَّ الْبَعْضَ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ كَالْأَصْلِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ قَبْلَ أَنْ يَنْقُضَ مَنْ وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ الْبِنَاءَ كَانَ لَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015