لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْعَيْنَ، وَحَقُّ الْأَخْذِ بِالْبَدَلِ إنَّمَا يَكُونُ مِمَّنْ يَمْلِكُ الْعَيْنَ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَالْمُوصَى لَهُ هُنَاكَ مَالِكٌ لِلْعَيْنِ فَلِذَا أَمْكَنَهُ الْأَخْذُ بِالْقِيمَةِ.
فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بِالْغَلَّةِ أَوْ الْخِدْمَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْوَارِثِ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ قَدْ بَطَل بِالْمَوْتِ، وَزَالَ الْمَانِعُ مِنْ الْأَخْذِ، فَكَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ.
3940 - وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَأْسُورُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَحَضَرَ أَحَدُهُمَا وَغَابَ الْآخَرُ، كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَهُ مِمَّنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ الْقَدِيمِ، وَقَدْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالِكًا لِلنِّصْفِ، وَاعْتِبَارُ الْكُلِّ بِالْجُزْءِ اعْتِبَارٌ صَحِيحٌ.
فَإِنْ حَضَرَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا: آخُذُ وَقَالَ الْآخَرُ: أُسَلِّمُ، فَلِلَّذِي أَرَادَ الْأَخْذَ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَهُ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأْيًا فِي نَصِيبِهِ، فَكَمَا لَا يَمْلِكُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَخْذَ إبْطَالَ خِيَارِ شَرِيكِهِ، لَا يَمْلِكُ الَّذِي يُسَلِّمُ إبْطَالَ خِيَارِ شَرِيكِهِ.
وَلَيْسَ لِلَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ أَنْ يَقُولَ: إنَّكُمْ تُفْسِدُونَ عَلَيَّ الْعَبْدَ وَتُلْحِقُونَ بِي ضَرَرَ تَبْعِيضِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَالِكِ الْأَوَّلِ مُقَدَّمٌ عَلَى وُجُوبِ دَفْعِ الضَّرَرِ عَمَّنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ، وَلِهَذَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ مِنْهُ شَاءَ أَوْ أَبَى.