وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ أَنَّ «عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ كَانَ يَخْرُصُ النَّخِيلَ بِخَيْبَرَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ كَانَ يَقُولُ لِلْيَهُودِ: إنْ شِئْتُمْ أَخَذْتُمْ وَلَنَا عِنْدَكُمْ الشَّطْرُ، وَإِنْ شِئْتُمْ أَخَذْنَا وَلَكُمْ عِنْدَنَا الشَّطْرُ، فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، أَيْ بِالْعَدْلِ. فَعَرَفْنَا أَنَّ الْقِسْمَةَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ قِسْمَةٌ بِالْعَدْلِ، ثُمَّ بَعْدَ قِسْمَةِ الْعَيْنِ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُسْهِمَ عَلَى الْأَجْزَاءِ، هَكَذَا كَانَ يَفْعَلُهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فِي قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ» . وَكَانَ إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَصَارَ هَذَا أَصْلًا أَنَّ فِي كُلِّ مَا يَجُوزُ فِعْلُهُ بِغَيْرِ إقْرَاعٍ فَالْأَوْلَى لِلْإِمَامِ أَنْ يُقْرِعَ تَطْيِيبًا لِلْقُلُوبِ، وَنَفْيًا لِتُهْمَةِ الْمَيْلِ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ اعْتَبَرَ الْمُعَادَلَةَ بَيْنَ الْأَعْيَانِ بِالتَّقْوِيمِ فَذَلِكَ حَسَنٌ أَيْضًا.

وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مِنْ جَانِبٍ بِرْذَوْنًا وَمِنْ جَانِبٍ لُؤْلُؤَةً فَيَجْعَلَ مَعَ الْبِرْذَوْنِ مِنْ الْمَتَاعِ مَا يُسَاوِي اللُّؤْلُؤَةَ، أَوْ مَعَ اللُّؤْلُؤَةِ مِنْ الْمَتَاعِ مَا يُسَاوِي الْبِرْذَوْنَ، إنْ كَانَ أَفْضَلَ، فَيَسْتَوِي الْأَجْزَاءُ الثَّلَاثَةُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ.

ثُمَّ يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا، فَالْجُزْءُ الَّذِي يَخْرُجُ بِالْقُرْعَةِ لِلْمُسْلِمِينَ يَأْخُذُهُ وَيُسَلِّمُ لَهُمْ مَا بَقِيَ، وَإِنْ شَرَطَ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى الْآخَرِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ بِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْمُعَادَلَةَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015