رَهْنَهُمْ حَتَّى يَرُدُّوا دِيَاتِ رَهْنِنَا، فَكَذَلِكَ مَا سَبَقَ، وَإِنْ أَخَذُوا الْمَلِكَ فَقَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ نَدْفَعُهُ إلَيْكُمْ بِمَنْ قُتِلَ مِنْ رَهْنِكُمْ وَتَرُدُّوا عَلَيْنَا رَهْنَنَا، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ رَأَى الْحَظَّ فِي أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ حَتَّى يَأْخُذَ دِيَاتِ الرَّهْنِ فَعَلَ ذَلِكَ، وَإِنْ رَأَى الْحَظَّ فِي أَنْ يَأْخُذَ الْمَلِكَ فَيَقْتُلَهُ، أَوْ يَجْعَلَهُ عَبْدًا لِوَرَثَةِ الرَّهْنِ فَعَلَ ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ الْمَلِكُ حِينَ قَتَلَ الرَّهْنَ هُوَ الَّذِي قَالَ لِإِمَامِ الْمُسْلِمِينَ أُعْطِيك دِيَاتِ أَصْحَابِك لِتَرُدَّ عَلَيَّ رَهْنِي فَلَيْسَ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَهْنِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى رِضَاءِ وَرَثَةِ الرَّهْنِ إنْ رَضُوا بِذَلِكَ. لِأَنَّ مُرَاعَاةَ جَانِبِ دَفْعِ الْوَهْنِ وَالذُّلِّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوْجَبُ، وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْ حَقِّهِمْ فِي شَيْءٍ حَتَّى يَعْتَبِرَ فِيهِ رِضَاهُمْ، إلَّا أَنْ يَرَى الْإِمَامُ الْحَظَّ فِي ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ فَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَفْعَلَهُ لِتَوْفِيرِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِمْ.
3529 - فَإِنْ غَدَرَ الْمُشْرِكُونَ وَقَتَلُوا رَهْنَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ قَتَلَ الْمُسْلِمُونَ رَهْنَهُمْ اعْتِمَادًا عَلَى ظَاهِرِ الشَّرْطِ، فَقَدْ أَخْطَئُوا فِي ذَلِكَ. لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُسْتَأْمَنِينَ فِينَا، وَيَنْبَغِي لِمَنْ قَتَلَهُمْ أَنْ يَغْرَمَ دِيَاتِهِمْ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْمُسْلِمِ يَقْتُلُ الْمُسْتَأْمَنَ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَارُوا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ حِينَ احْتَبَسُوا فِي دَارِنَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْقِصَاصُ عَلَى مَنْ قَتَلَهُمْ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ يُقْتَلُ بِالذِّمِّيِّ عِنْدَنَا.