وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ ذُو الْيَدِ يَزْعُمُ أَنَّهُ عَبْدُهُ، وَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ ابْنُهُ، وَرَأَى مَلِكُهُمْ أَنْ يُصَدِّقَ مُدَّعِي الْبُنُوَّةِ، فَأَخَذَهُ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْآخَرُ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ عَبْدُهُ، ثُمَّ أَسْلَمُوا أَوْ صَارُوا ذِمَّةً فَأَقَامَ الْمَوْلَى الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَإِنَّ قَاضِي الْمُسْلِمِينَ يَجْعَلُهُ حُرًّا ابْنًا لِلَّذِي ادَّعَاهُ. لِأَنَّ حُكْمَ مَلِكِهِمْ قَدْ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ وَأَبْطَلَ مِلْكَهُ فِيهِ وَجَعَلَهُ حُرًّا ابْنًا لِلْآخَرِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَنْ يُثْبِتَ بِالْبَيِّنَةِ مِلْكًا قَدْ أَبْطَلَهُ حُكْمُهُمْ حِينَ كَانُوا حَرْبًا لَنَا، أَوْ مُوَادِعِينَ لَا يَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُنَا.
3471 - وَعَلَى هَذَا حُكْمُ الْمِيرَاثِ، فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ مِنْهُمْ رَجُلٌ، وَمِنْ حُكْمِ مَلِكِهِمْ تَوْرِيثُ الْبَنِينَ دُونَ الْبَنَاتِ، أَوْ الْبَنَاتِ دُونَ الْبَنِينَ، فَحَكَمَ بِذَلِكَ ثُمَّ أَسْلَمُوا، فَجَمِيعُ مَا صَنَعَ مَلِكُهُمْ فِي ذَلِكَ مَاضٍ. لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُلْتَزِمِينَ لِحُكْمِهِ، رَاضِينَ بِهِ حِينَ حَكَمَ بَيْنَهُمْ بِذَلِكَ، وَكَانَ هُوَ سُلْطَانًا غَالِبًا عَلَيْهِمْ، فَتَمَّ مَا صَنَعَهُ بَيْنَهُمْ، فَلَا يَشْتَغِلُ بِإِبْطَالِ شَيْءٍ مِنْهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ.
3472 - وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَهُ الْبَنُونَ بِغَيْرِ حُكْمٍ مِنْ مَلِكِهِمْ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ حُكْمِهِ، فَهَذَا وَمَا لَوْ أَخَذُوهُ بِحُكْمِهِ سَوَاءٌ. لِأَنَّهُمْ لَوْ خَاصَمُوا فِي ذَلِكَ عِنْدَهُ قَرَّرَهُ فِي أَيْدِيهِمْ، فَبِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ يَتِمُّ إحْرَازُهُمْ لِذَلِكَ بِاعْتِبَارِ حُكْمِهِ وَقُوَّتِهِ.