لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ لَهُ بِأَكْبَرِ الرَّأْيِ، وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ.
2895 - قَالَ: وَلَا بَأْسَ بِالْقَوْسِ الْفَارِسِيَّةِ أَنْ يَتَعَلَّمَ بِهَا الرَّجُلُ الرَّمْيَ.
لِأَنَّ فِي ذَلِكَ كَسْرُ شَوْكَةِ الْعَدُوِّ وَإِدْخَالُ الْوَهَنِ عَلَيْهِمْ، وَالْمُسْلِمُ مَنْدُوبٌ إلَى كُلِّ مَا يَكُونُ فِيهِ نِكَايَةٌ فِي الْعَدُوِّ.
2896 - وَكَذَلِكَ الْحُسْبَانُ يَتَعَلَّمُهُ الرَّجُلُ لِيَرْمِيَ بِهِ الْعَدُوَّ.
وَإِنَّمَا أَوْرَدَ هَذَا؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ مَنْ كَرِهَ الرَّمْيَ بِالْقَوْسِ الْفَارِسِيَّةِ، وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ حَدِيثًا، وَلَكِنَّهُ شَاذٌّ فِيمَا تَعُمُّهُ الْبَلْوَى وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] . وَمِنْ الْقُوَّةِ الرَّمْيُ بِالْقَوْسِ الْفَارِسِيَّةِ. فَإِنْ قَالَ: إنَّمَا يُكْرَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهَا مِنْ أَمْرِ الْعَجَمِ، يَنْبَغِي لِلْغَازِي أَنْ يَسْتَعْمِلَ فِي الْقِتَالِ مَا هُوَ مِنْ أَمْرِ الْعَرَبِ. قُلْنَا: فَالْمَنْجَنِيقُ مِنْ أَمْرِ الْعَجَمِ، وَقَدْ نَصَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الطَّائِفِ حِينَ أَشَارَ عَلَيْهِ بِهِ سَلْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَاِتِّخَاذُ الْخَنْدَقِ مِنْ أَمْرِ الْعَجَمِ، وَقَدْ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بِإِشَارَةِ سَلْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا يَكُونُ مِنْ مُكَايَدَةِ الْحَرْبِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَمْرِ الْعَجَمِ مِمَّا لَا يَعْرِفُهُ أَوْ كَانُوا يَعْرِفُونَهُ.
2897 - وَمَنْ قَتَلَ شَهِيدًا وَعَلَيْهِ الْحَرِيرُ أَوْ الدِّيبَاجُ قَدْ كَانَ