وَإِنْ انْقَطَعَ وَتَرُ الرَّامِي فَرَجَعَ السَّهْمُ عَلَى رَجُلٍ مُسْلِمٍ فِي صَفِّ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ مَالَتْ الرَّمْيَةُ فَأَصَابَتْ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلْقِتَالِ، فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَالْكَفَّارَةُ.
لِأَنَّهُ قَتَلَهُ خَطَأً، وَفِي الْخَطَأِ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ بِالنَّصِّ. ثُمَّ بَيَّنَ أَنْوَاعَ الْخَطَأِ.
2865 - فَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَتَعَمَّدَهُ بِالرَّمْيَةِ حِينَ رَآهُ فِي صَفِّ الْمُشْرِكِينَ، وَهُوَ يَظُنُّهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَإِذَا هُوَ مُسْلِمٌ، وَهَذَا عَمْدٌ فِي الْحَقِيقَةِ.
لِأَنَّهُ قَصَدَ شَخْصًا بِعَيْنِهِ وَأَصَابَهُ، فَأَمَّا ظَنُّهُ فَلَيْسَ بِمُتَّصِلٍ بِفِعْلِهِ، وَلَكِنَّهُ خَطَأٌ شَرْعًا عَرَفْنَاهُ بِالسُّنَّةِ، وَهُوَ مَا رُوِيَ «أَنَّ سُيُوفَ الْمُسْلِمِينَ اخْتَلَفَتْ عَلَى الْيَمَانِ أَبِي حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَقَتَلُوهُ، فَجَعَلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، الدِّيَةَ فَتَرَكَ ذَلِكَ لَهُمْ حُذَيْفَةُ» .
2866 - فَلَوْ رَمَوْا أَهْلَ الْحِصْنِ بِالْمَنْجَنِيقِ فَأَصَابُوا مُسْلِمًا فِي الْحِصْنِ تَاجِرًا أَوْ أَسِيرًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ أَعْلَمَهُمْ الْمُسْلِمُ أَنَّهُ فِيهِمْ.
لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الرَّمْيَ مُبَاحٌ لَهُمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ.
2867 - وَكَذَلِكَ لَوْ دَخَّنُوا عَلَى مَطْمُورَةٍ وَفِيهَا مُسْلِمٌ مَعَ الْمُشْرِكِينَ فَمَاتَ الْمُسْلِمُ فِيمَنْ مَاتَ فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِمْ. لِأَنَّ التَّدْخِينَ مُبَاحٌ لَهُمْ.