قَائِدُهُ بِالْخُرُوجِ إلَى الْغَزْوِ فَلْيُعْلِمْ الْقَائِدَ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ حَتَّى يَعْلَمَ ذَلِكَ الْإِمَامُ، ثُمَّ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَلَّا يُخْرِجَهُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَكْفِي ذَلِكَ الْمُهِمَّ غَيْرُهُ، وَإِنْ أَبَى إلَّا الْخُرُوجَ فَلْيُطِعْ الْإِمَامَ. لِأَنَّ طَاعَتَهُ فِي مِثْلِ هَذَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَبَعْدَ مَا أَعْلَمَهُ عُذْرَهُ إذَا لَمْ يَعْذِرْهُ وَأَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ فَلَا شَيْءَ أَفْضَلُ لَهُ مِنْ طَاعَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِئْذَانِ الْإِمَامِ وَلَكِنَّهُ يَخَافُ أَنْ يَحْلِفَ لِلتَّمَحُّلِ أَنَّهُ يَذْهَبُ عَطَاؤُهُ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الدَّيْنِ.
لِأَنَّ خُرُوجَهُ هَذَا مِنْ التَّمَحُّلِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ. - فَإِنَّ تَمَحُّلَ الْجُنْدِيِّ وَمَعِيشَتَهُ يَكُونُ بِهَذَا، فَإِذَا انْقَطَعَ ذَلِكَ عَنْهُ كَانَ أَبْعَدَ لَهُ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ.
- وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْغَازِي دَيْنٌ وَكَانَ لَهُ وَالِدَانِ حَيَّانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَنَهَيَاهُ عَنْ الْغَزْوِ فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ أَلَّا يَغْزُوَ إلَّا بِإِذْنِهِمَا لِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَتَيْتُك لِأُجَاهِدَ مَعَك، وَتَرَكْت أَبَوَيَّ يَبْكِيَانِ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتهمَا» . وَقَالَ آخَرُ: «أَرَدْت الْجِهَادَ مَعَك وَإِنَّ أُمِّيَ كَرِهَتْ ذَلِكَ، فَقَالَ: الْزَمْ أُمَّك فَإِنَّ الْجَنَّةَ عِنْدَ رِجْلَيْهَا» . وَقَدْ بَيَّنَّا جِنْسَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِيمَا سَبَقَ.