- وَلَوْ أَنَّ الْوَكِيلَ أَبْرَأَ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ مِنْ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ صَحَّ إبْرَاؤُهُ فِي حَقِّهِ.
لِأَنَّهُ كَالْعَاقِدِ لِنَفْسِهِ فِي الْخُصُومَةِ فِي هَذَا الْعَيْبِ، فَكَذَلِكَ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْهُ إلَّا أَنَّ الْآمِرَ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَ رَضِيَ بِمَا رَضِيَ بِهِ الْوَكِيلُ فَيَأْخُذُ الْعَبْدَ، وَإِنْ شَاءَ أَلْزَمَهُ الْوَكِيلَ.
لِأَنَّ إسْقَاطَهُ صَحِيحٌ فِي حَقِّ مَنْ عَامَلَهُ، وَلَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ، وَهُوَ فِي هَذَا الْحُكْمِ نَظِيرُ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إذَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الشِّرَاءِ، وَأَبَى الْمُوَكِّلُ أَنْ يَرْضَى بِهِ. وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ لِلْآمِرِ حَقَّ الرَّدِّ عَلَى الْوَكِيلِ، وَلِلْوَكِيلِ حَقُّ الرَّدِّ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ، فَإِنَّمَا يَعْمَلُ رِضَاءُ الْوَكِيلِ فِي إسْقَاطِهِ حَقَّهُ لَا فِي إسْقَاطِ حَقِّ الْآمِرِ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَمْلِكُهُ الْوَكِيلُ بِالثَّمَنِ وَحُكْمُ هَذَا الْعَقْدِ وَعَوْدِهِ إلَى قَدِيمِ مِلْكِ الْمَأْسُورِ مِنْهُ لَا ثُبُوتَ الْمِلْكَ فِيهِ ابْتِدَاءً لِأَحَدٍ.
قُلْنَا: مَا كَانَ مِنْ حُكْمِ الْعَقْدِ فَقَدْ تَمَّ؛ لِأَنَّهُ عَادَ إلَى قَدِيمِ مِلْكِ الْمَوْلَى، إلَّا أَنَّهُ بِمَا حَدَثَ مِنْ إبَاءِ الْآمِرِ الرِّضَاءَ بِالْعَيْبِ وَرِضَاءُ الْوَكِيلِ بِهِ يَصِيرُ الْآمِرُ كَأَنَّهُ مَلَكَهُ مِنْ الْوَكِيلِ بِمَا يَغْرَمُهُ مِنْ الثَّمَنِ، فَلِهَذَا كَانَ الْمِلْكُ لِلْآمِرِ. وَفِي الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ هَكَذَا يَكُونُ، فَإِنَّ الْوَكِيلَ إنَّمَا يَتَمَلَّكُهُ عَلَى الْآمِرِ لَا عَلَى الْبَائِعِ.
2691 - وَلَوْ كَانَ الْآمِرُ قَبَضَ الْعَبْدَ وَغَابَ، ثُمَّ جَاءَ الْوَكِيلُ بِهِ لِيَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ، فَقَالَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ: لَمْ يَأْمُرْك الْآمِرُ بِرَدِّهِ بِالْعَيْبِ. وَقَالَ الْوَكِيلُ: قَدْ أَمَرَنِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ.