وَإِنْ وَجَدَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لَهُ: إنْ شِئْت فَخُذْهُ بِالْقِيمَةِ، وَأَنْتَ مُتَطَوِّعٌ فِي الْفِدَاءِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ رَدَّهُ الْقَاضِي عَلَيْهِ، وَعَادَ إلَى يَدِهِ عَلَى الْإِجَارَةِ كَمَا كَانَ.
وَإِنَّمَا كَانَ مُتَطَوِّعًا فِي الْفِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ فَدَى مِلْكَ الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لَهُ إلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَمْ يَكُنْ فِي ضَمَانِهِ.
2557 - وَلَوْ أَبَى أَنْ يَفْدِيَهُ مَا كَانَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ شَيْئًا، فَإِذَا كَانَ هُوَ بِالْفِدَاءِ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ كَانَ مُتَبَرِّعًا فِيهِ، ثُمَّ إذَا حَضَرَ مَوْلَاهُ فَأَنْكَرَ الْإِجَارَةَ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى ذَلِكَ، وَالْقَضَاءُ عَلَيْهِ مَاضٍ، بِاعْتِبَارِ تِلْكَ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ يَدِهِ مَا كَانَ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَصْلًا، فَعَرَفْنَا أَنَّهُ حِينَ قُضِيَ لَهُ بِالْأَخْذِ فَقَدْ قُضِيَ بِالْإِجَارَةِ عَلَى الْغَائِبِ، بِمَا قَامَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَيِّنَةِ، وَجُعِلَ مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ فِي إنْكَارِ الْإِجَارَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ، فَإِنَّ هُنَاكَ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْأَخْذِ بِمُجَرَّدِ إثْبَاتِ الْيَدِ بِنَفْسِهِ، قَبْلَ الْأَسْرِ لِمَعْنًى، وَهُوَ أَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ إنَّمَا يَثْبُتُ لِمَنْ يُحْيِي بِالْأَخْذِ مِلْكًا كَانَ لَهُ قَبْلَ الْأَسْرِ، إمَّا فِي الْعَيْنِ أَوْ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ يُحْيِي مِلْكَهُ فِي الْمَنْفَعَةِ، فَأَمَّا الْمُودَعُ وَالْمُسْتَعِيرُ فَهُوَ لَا يُحْيِي مِلْكًا لَهُ قَبْلَ الْأَسْرِ، فَيَكُونُ أَخْذُهُ بِالْقِيمَةِ، فِي حُكْمِ ابْتِدَاءِ التَّمَلُّكِ بِعِوَضٍ، وَلَا يَكُونُ فِدَاءً لِلْمَأْسُورِ، فَأَمَّا قَبْلَ الْقِسْمَةِ إنَّمَا يَأْخُذُهُ مَجَّانًا لِيُعِيدَهُ إلَى يَدِهِ، كَمَا كَانَ، وَالْمُودَعُ وَالْمُسْتَعِيرُ فِي هَذَا كَالْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنْ أَبَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَفْدِيَهُ بِالْقِيمَةِ