لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا مُسْتَأْمَنٌ فِيكُمْ، فَتَرَكُوهُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَعْرِضَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ بَعْدَ هَذَا.
لِأَنَّ الَّذِي كَلَّمَهُمْ بِهِ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِئْمَانِ الْجَدِيدِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ إلَيْهِمْ بِأَمَانٍ حَتَّى الْآنَ فَلَمَّا أَخَذُوهُ قَالَ: أَنَا مُسْتَأْمَنٌ فِيكُمْ، كَانَ مُسْتَأْمَنًا إذَا خَلَّوْا سَبِيلَهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَغْدِرَ بِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ.
2427 - وَإِنْ كَانَ هَذَا الْمُسْتَأْمَنُ خَرَجَ إلَى قَوْمٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، لَا مَنَعَةَ لَهُمْ، قَدْ بَعَثَهُمْ الْإِمَامُ طَلِيعَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَعْرِضَ لِأَهْلِ الْحَرْبِ بِشَيْءٍ.
لِأَنَّ حُكْمَ الْأَمَانِ الْأَوَّلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ الْحَرْبِ بَاقٍ، مَا لَمْ يُنَابِذْهُمْ أَوْ يَلْتَحِقْ بِمَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَبِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الْأَمَانِ لَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُمْ.
2428 - فَإِنْ اجْتَمَعَ الْمُسْتَأْمَنُونَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي مَكَان، حَتَّى صَارَتْ لَهُمْ مَنَعَةٌ، ثُمَّ لَمْ يَنْبِذُوا إلَى أَهْلِ الْحَرْبِ، حَتَّى تَفَرَّقُوا كَمَا كَانُوا، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُمْ بِشَيْءٍ.
لِأَنَّهُمْ عَلَى الْأَمَانِ الْأَوَّلِ حِينَ لَمْ يَنْبِذُوا إلَى أَهْلِ الْحَرْبِ. فَإِنْ قِيلَ لِمَاذَا لَا يُجْعَلُ مَا حَدَثَ لَهُمْ مِنْ الْمَنَعَةِ بِمَنْزِلَةِ مَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، حَتَّى يَنْتَهِيَ بِهِ حُكْمُ ذَلِكَ الْأَمَانِ. قُلْنَا: لِأَنَّ انْتِهَاءَ الْأَمَانِ بِاعْتِبَارِ مَنَعَةِ الْمُحَارِبِينَ