لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَمْلِكْهُ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي مَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى يَصِيرَ بِالْأَخْذِ مُحْرِزًا، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ إحْرَازُهُ بِالْإِخْرَاجِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ. وَذَلِكَ إنَّمَا وُجِدَ مِنْ الْغَاصِبِ الَّذِي انْتَزَعَهُ مِنْهُ، غَيْرَ أَنِّي أَكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَقْهَرَ عَلَيْهِ صَاحِبَهُ بَعْدَمَا أَخَذَهُ؛ لِأَنَّ يَدَهُ سَبَقَتْ إلَيْهِ، وَلِيَدِ الْمُسْلِمِ حُرْمَةٌ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ.

وَلِأَنَّهُ أَحْرَزَهُ بِالدِّينِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْإِحْرَازَ بِالدِّينِ يَثْبُتُ فِي حَقِّ الْآثِمِ وَإِنْ كَانَ لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْمِلْكِ وَالتَّقَوُّمِ.

2383 - فَإِنْ جَاءَ نَاسٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يُرِيدُونَ أَخْذَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَغَلَبَهُمْ الْمُسْلِمُونَ، حَتَّى دَفَعُوهُمْ عَنْ ذَلِكَ، فَهُوَ لِلَّذِينَ أَخَذُوهُ أَيْضًا. لِأَنَّ الْآخِذَ قَدْ صَارَ أَحَقَّ بِهِ، بِذَلِكَ الْأَخْذِ، فَلَا يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِالْقِتَالِ الَّذِي اُبْتُلُوا بِهِ. فَإِنْ قِيلَ: حِينَ قَاتَلُوا عَنْهُ فَلِمَاذَا لَا يُجْعَلُونَ فِي حُكْمِ أَهْلِ مَنَعَةٍ، حَتَّى يَكُونَ لِمُصَابِهِمْ حُكْمُ الْغَنِيمَةِ. قُلْنَا: لِأَنَّ هَذَا شَيْءٌ وَقَعَ اتِّفَاقًا، لَا قَصْدًا، فَلَا يَصِيرُونَ بِهِ قَاهِرِينَ حُكْمًا.

أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَوْ أَتَوْا قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ نِيَامًا فَقَتَلُوهُمْ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا أَخَذَ، وَلَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ حُكْمُ الْغَنِيمَةِ، فَهَذَا مِثْلُهُ. يُوَضِّحُهُ أَنَّهُمْ إذَا كَانُوا أَهْلَ مَنَعَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِيمَا أَصَابُوا بِالْقِتَالِ، دَفْعًا عَنْهُ، إذَا اُبْتُلُوا بِهِ وَعَدَمُ الْقِتَالِ، وَكَذَلِكَ فِيمَا أَصَابَ الَّذِينَ لَا مَنَعَةَ لَهُمْ لَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ، وَلَوْ أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا مَنَعَةَ لَهُمْ لَحِقَهُمْ جُنْدُ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، بَعْدَ مَا أَصَابَ كُلُّ فَرِيقٍ الْمَالَ فَإِنَّهُ يُخَمَّسُ مَا أَصَابُوا، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى مَا أَصَابَ الَّذِينَ لَا مَنَعَةَ لَهُمْ، فَيُقْسَمُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015