لِأَنَّ تَفْضِيلَ الْفَارِسِ عَلَى الرَّاجِلِ فِي الْغَنِيمَةِ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَاذَا يَصِحُّ التَّنْفِيلُ مِنْ الْإِمَامِ فِيهِ؟ قُلْنَا: لَا عَلَى وَجْهِ التَّنْفِيلِ، وَلَكِنْ عَلَى وَجْهِ التَّحْضِيضِ، لِلْأَخْذِ بِبَعْضِ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُبَاحِ، وَصَرْفُ مَا بَقِيَ إلَى الْمَنْفَعَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا.
- وَلَوْ خَرَجَتْ السَّرِيَّةُ لِقَطْعِ الْخَشَبِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ، إلَى دَارِ الْحَرْبِ أَوْ إلَى الْمَوْضِعِ الْمَخُوفِ، فَمَا جَاءُوا بِهِ يَكُونُ غَنِيمَةً. لِأَنَّهُمْ أَهْلُ مَنَعَةٍ، جَاءُوا بِمَالٍ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ بِطَرِيقِ الْقَهْرِ، وَفِي مُصَابِ أَهْلِ الْمَنَعَةِ يَسْتَوِي الْحَالُ بَيْنَ مَا بَعْدَ إذْنِ الْإِمَامِ وَمَا قَبْلَهُ.
2367 - وَإِنْ كَانُوا أَصَابُوا ذَلِكَ، فِي مَوْضِعٍ يَأْمَنُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ، فَلِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَا أَخَذَ. لِأَنَّ هَذَا مُبَاحٌ مُلِكَ بِالْأَخْذِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، كَالصَّيْدِ وَالْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ.
2368 - فَإِنْ كَانُوا لَقُوا الْعَدُوَّ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، فَقَاتَلُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ، حَتَّى أَجْلَوْهُمْ عَنْهُ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ. لِأَنَّ مَا كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَبِمُجَرَّدِ دُخُولِ أَهْلِ الْحَرْبِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَا يَأْخُذُ حُكْمَ دَارِ الْحَرْبِ، فَحِينَ أَجْلَوْا عَنْهُ الْعَدُوَّ بِالْقِتَالِ بَقِيَ عَلَى حُكْمِ دَارِ الْإِسْلَامِ كَمَا كَانَ، فَكُلُّ مَنْ أَخَذَ مِنْهُمْ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ.