لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ سَبْقِ يَدِهِ إنَّمَا صَارَ أَحَقَّ بِهِ لِحَاجَتِهِ. وَلَوْ طَلَبَ ذَلِكَ مِنْهُ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَنْزِلَ فِيهِ فَأَرَادَ الَّذِي بَدَرَ إلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَاجَةَ مَنْ اخْتَارَهُ كَحَاجَتِهِ - وَعِنْدَ قِيَامِ حَاجَتِهِ هُوَ أَحَقُّ بِهِ بِاعْتِبَارِ يَدِهِ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ قِيَامِ حَاجَةِ مَنْ اخْتَارَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْغَبُ فِي مُجَاوَرَةِ بَعْضِ النَّاسِ دُونَ الْبَعْضِ، وَيَعُدُّ الْإِنْسَانُ ذَلِكَ مِنْ حَوَائِجِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ حَدِيثُ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَإِنَّهُ كَانَ يَسْبِقُ النَّاسَ إلَى الْمَنَازِلِ، فَيَجْعَلُ عَلَى كُلِّ مَوْضِعٍ عَلَامَةً فَإِذَا جَاءَ أَصْحَابُهُ أَعْطَاهُمْ تِلْكَ الْمَنَازِلَ الَّتِي كَانَ أَخَذَهَا. وَلَوْ بَدَرَ إلَيْهِ أَحَدُهُمَا فَنَزَلَ فَأَرَادَ الَّذِي كَانَ أَخَذَهُ فِي الِابْتِدَاءِ وَهُوَ عَنْهُ غَنِيٌّ أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْهُ وَيُنْزِلَهُ مُحْتَاجًا آخَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا الرَّأْيَ كَانَ لَهُ بِاعْتِبَارِ يَدِهِ، وَقَدْ اعْتَرَضَ عَلَيْهِمَا يَدٌ أُخْرَى هِيَ مُحِقَّةٌ بِاعْتِبَارِ حَاجَةِ صَاحِبِهَا، فَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ إبْطَالِهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ قَالَ: إنَّمَا كُنْت أَخَذْته لِهَذَا الْآخَرِ بِأَمْرِهِ، لَا لِنَفْسِي اسْتَحْلَفَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِخَبَرٍ مُحْتَمَلٍ، فَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ، لِإِنْكَارِ خَصْمِهِ، وَبَعْدَ الْحَلِفِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ يَدِ الَّذِي بَدَرَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ يَدَهُ فِيهِ كَانَتْ كَيَدِ الَّذِي أَمَرَهُ بِذَلِكَ، وَقِيَامُ حَاجَةِ الْآمِرِ يَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْ إثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهِ، فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ يَدَهُ يَدٌ مُتَعَدِّيَةٌ أُمِرَ بِإِزَالَتِهَا، وَهَذَا هُوَ الْحُكْمُ أَيْضًا فِيمَا يَفْضُلُ مِنْ حَاجَةِ الْآخِذِ مِنْ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ، إذَا قَالَ أَخَذْته لِفُلَانٍ بِأَمْرِهِ.
- وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ أَصَابَ أَحَدُهُمَا شَعِيرًا وَالْآخَرُ قَضْبًا فَتَبَادَلَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحْتَاجٌ إلَى