فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَإِذَا خَرَجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَحُكْمُهُ كَحُكْمِ مَا سَبَقَ. لِأَنَّ الْأَصْلَ غَنِيمَةٌ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَلَكِنْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إنَّمَا صَارَ غَنِيمَةً بِأَخْذِهِ، وَهُوَ مَا قَصَدَ بِأَخْذِهِ سِوَى الِانْتِفَاعِ بِهِ، فَجُعِلَ انْتِفَاعُهُ بِهِ مُقَدَّمًا بِاعْتِبَارِ قَصْدِهِ، وَهُنَاكَ قَدْ كَانَ ذَلِكَ غَنِيمَةً بِاعْتِبَارِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ، بَعْدَ إحْرَازِ الْمُشْرِكِينَ لَهُ، فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ.
ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ أَهْلَ الْعَسْكَرِ إذَا فَصَلُوا مِنْ الدَّرْبِ أَنْ يَرُدُّوا الْأَوْتَادَ فِي الْغَنِيمَةِ.
- قَالَ: وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَدْهُنُوا سُرُوجَهُمْ وَجُلُودَهُمْ الَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَيْهَا بِالزَّيْتِ وَالشَّحْمِ الَّذِي يُصِيبُونَهُ، فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَأَمَّا مَا حَمَلُوا مِنْ ذَلِكَ مَعَهُمْ لِلتِّجَارَةِ لَا لِلْقِتَالِ فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَدْهُنُوا بِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. وَالْقِيَاسُ فِي الْكُلِّ وَاحِدٌ، لِأَنَّ مَا أَصَابُوهُ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ، لَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ:
2250 - لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا ذَلِكَ لِيَتَقَوَّوْا بِهِ عَلَى الْقِتَالِ، فَكَذَلِكَ لَهُمْ أَنْ يَدْهُنُوا بِهِ مَا يَسْتَعْمِلُونَهُ فِي الْقِتَالِ بِادِّهَانٍ فَأَمَّا [دِهَانُ] مَا حَمَلُوهُ لِلتِّجَارَةِ مَعَهُمْ لَيْسَ مِمَّا يَحْصُلُ لَهُمْ بِهِ التَّقَوِّي عَلَى الْقِتَالِ.