لِأَنَّ حُكْمَ التَّوْرِيثِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ يَتَقَرَّرُ بِنَفْسِ الْمَوْتِ، وَهَا هُنَا الْمَيِّتُ كَانَ مُتَرَدِّدَ الْحَالِ عِنْدَ الْمَوْتِ كَالْوَارِثِ، فَإِنَّمَا يَتَقَرَّرُ حُكْمُ الْحُرِّيَّةِ فِيهَا وَحُكْمُ الْإِرْثِ فِي الْمَالِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ.
فَإِنْ قِيلَ: فِي الْمُكَاتَبِ الْحُرِّيَّةُ تَسْتَنِدُ إلَى حَالَةِ الْحَيَاةِ، أَوْ يُجْعَلُ هُوَ كَالْحَيِّ حُكْمًا، إلَى وَقْتِ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَلَا يُمْكِنُ تَحَقُّقُ ذَلِكَ الْمَعْنَى هَا هُنَا، فَكَيْفَ يَجْرِي الْإِرْثُ بَيْنَهُمَا؟ قُلْنَا: ذَلِكَ الْمَعْنَى هَا هُنَا أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ هَا هُنَا إذَا جَعَلَهُمْ ذِمَّةً فَقَدْ قَرَّرَ فِيهِمْ حُرِّيَّةً كَانَتْ، وَهُنَاكَ عِنْدَ الْأَدَاءِ ثَبَتَتْ حُرِّيَّةٌ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً قَطُّ فِي الْمُكَاتَبِ، فَإِذَا صَحَّ أَنْ يُجْعَلَ حَيًّا حُكْمًا لِإِثْبَاتِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ ابْتِدَاءً لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ، فَلَأَنْ يَصِحَّ ذَلِكَ هَا هُنَا لِتَقْرِيرِ حُكْمِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ كَانَ أَوْلَى.
وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لَهُ وَرَثَةٌ مُسْلِمُونَ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا مَعَ هَذَا الْأَسِيرِ، فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ، بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ يَمُوتُ، وَلَهُ وَلَدٌ حُرٌّ وَوَلَدٌ مَوْلُودٌ فِي الْكِتَابَةِ.
2128 - وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا قَتَلَ رَجُلًا مِنْ الْأُسَرَاءِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا عَمْدًا أَوْ خَطَأً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ الْإِمَامُ ذِمَّةً، فَإِنَّ الْقَاتِلَ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ، إنْ كَانَ عَمْدًا، فَفِي مَالِهِ وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ.
؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْحِلِّ فِي دَمِهِ قَدْ زَالَتْ بِإِسْلَامِهِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَوَدُ عَلَى الْقَاتِلِ لِاشْتِبَاهِ الْمُسْتَحِقِّ فَإِنَّ الْإِمَامَ إنْ يَجْعَلُهُمْ ذِمَّةً كَانَ الْمُسْتَحِقُّ وَرَثَتَهُ، وَإِنْ بَدَا لَهُ الْقِسْمَةُ لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِ حَقٌّ فِي اسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ فَلِاشْتِبَاهِ الْمُسْتَحِقِّ لَا يَجِبُ الْقَوَدُ وَلَكِنْ تَجِبُ قِيمَتُهُ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ عَمْدًا، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ كَانَ خَطَأً.
وَيَكُونُ ذَلِكَ مِيرَاثًا لِجَمِيعِ وَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّ بَدَلَ نَفْسِهِ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ أَمْلَاكِهِ فِي التَّوْرِيثِ.