لِأَنَّ فِي الْقَضَاءِ بِهِ تَقْرِيرَ مِلْكِهِ، فَإِنَّ الْقِيمَةَ لَا تُسَلَّمُ لَهُ إلَّا عَلَى وَجْهِ قِيَامِهَا مَقَامَ الْعَيْنِ، وَمِلْكُهُ غَيْرُ مُتَقَرِّرٍ شَرْعًا مَا دَامَ هُوَ مَأْمُورًا بِالرَّدِّ عَلَيْهِمْ، فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقَرِّرَهُ بِقَضَائِهِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ أَسْلَمُوا أَوْ صَارُوا ذِمَّةً، (كَانَ سَالِمًا لَهُمْ) وَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَهَبُوهُ لَهُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ هُنَاكَ مِلْكٌ مُتَقَرِّرٌ شَرْعًا، فَلِهَذَا كَانَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْقِيمَةِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، وَلِأَنَّ الْمَالِكَ الْقَدِيمَ بِالْأَخْذِ يُعِيدُهُ إلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ، وَمَا يُعْطِي مِنْ الْقِيمَةِ هُوَ فِدَاءٌ يَفْدِي بِهِ مِلْكَهُ، بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي يَفْدِيهِ مَوْلَاهُ بِالدِّيَةِ، وَفِي إعَادَتِهِ إلَى مِلْكِهِ إبْطَالُ حَقِّهِمْ عَنْهُ لَا مَحَالَةَ، وَفِيهِ تَقْرِيرُ مَا كَانَ مِنْهُ غَدْرٌ مِنْ الْأَمَانِ.
2035 - وَلَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ مُسْلِمٍ كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا، وَإِذَا خُوصِمَ فِيهِ إلَى الْقَاضِي فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُنَفِّذُ ذَلِكَ الْبَيْعَ.
لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّهِمْ، فَإِنَّ الثَّانِيَ إنَّمَا يَتَمَلَّكُهُ مِلْكًا جَدِيدًا وَيُؤْمَرُ مَنْ فِي مِلْكِهِ بِالرَّدِّ، كَمَا كَانَ يُؤْمَرُ بِهِ الْبَائِعُ، وَأَمَّا الْمَالِكُ الْقَدِيمُ إنَّمَا يُعِيدُهُ إلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ، وَذَلِكَ سَابِقٌ عَلَى ثُبُوتِ حَقِّهِمْ فِيهِ، فَعَرَفْنَا أَنَّ فِي الْقَضَاءِ بِهِ إبْطَالُ حَقِّهِمْ، ثُمَّ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ إنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِالثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لَمْ يَقْضِ لَهُ الْإِمَامُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا الْقَضَاءِ إعَادَتَهُ إلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ كَمَا بَيَّنَّا.
2054 - وَلَوْ كَانَ الَّذِي جَاءَ بِهِ عَبْدًا أَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً لَمْ يَكُنْ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِقِيمَتِهِ.