وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ شَيْئًا مِمَّا هُوَ مَمْلُوكٌ لَهُمْ وَكَانَ بِحَيْثُ يُسَلَّمُ لَهُمْ لَوْ أَسْلَمُوا فَإِنَّ الْإِمَامَ يُفْتِيهِ بِالرَّدِّ عَلَيْهِمْ، وَلَا يُجْبِرُهُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ.
لِأَنَّهُ تَفَرَّدَ بِإِتْمَامِ سَبَبِ الْمِلْكِ فِيهِ هَا هُنَا وَهُوَ الْإِحْرَازُ بِدَارِ الْإِسْلَامِ، فَلَا يَثْبُتُ فِيهِ حَقُّ الْمُسْلِمِينَ، وَوِلَايَةُ الْإِمَامِ فِيهِ تُبْتَنَى عَلَى ثُبُوتِ حَقِّ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى الرَّدِّ، بِخِلَافِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ.
2047 - إلَّا أَنَّهُ حَصَّلَ هَذَا الْمَالَ بِسَبَبٍ حَرَامٍ شَرْعًا، فَيُفْتِيهِ بِالرَّدِّ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ أَخْفَرَ ذِمَّةَ نَفْسِهِ لَا ذِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ مَا كَانُوا فِي أَمَانٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا كَانُوا فِي أَمَانٍ مِنْهُ خَاصَّةً.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ كَانَ يُبَاحُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَخْذُ هَذَا الْمَالِ مِنْ أَيْدِيهِمْ، فَعَرَفْنَا أَنَّهُ مَا أَخْفَرَ أَمَانَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَثْبُتَ لِلْإِمَامِ عَلَيْهِ وِلَايَةُ الْإِجْبَارِ فِي الرَّدِّ، لِمُرَاعَاةِ ذَلِكَ الْأَمَانِ، وَلَكِنَّهُ أَخْفَرَ أَمَانَ نَفْسِهِ، وَذَلِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ. وَالطَّرِيقُ فِي مِثْلِهِ الْفَتْوَى دُونَ الْإِجْبَارِ، فَإِنَّ الْإِجْبَارَ يُبْتَنَى عَلَى الْخُصُومَةِ، وَلَا خُصُومَةَ لِأَحَدٍ مَعَهُ فِي ذَلِكَ
2048 - وَلَكِنْ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ كَسْبٌ خَبِيثٌ، وَفِي شِرَائِهِ مِنْهُ تَقْرِيرٌ لِمَعْنَى الْخُبْثِ فِيهِ.
وَلِأَنَّهُمْ إذَا امْتَنَعُوا مِنْ الشِّرَاءِ كَانَ فِيهِ زَجْرٌ [لَهُ] عَنْ الْعَوْدِ إلَى مِثْلِ هَذَا الصُّنْعِ، وَحَثٌّ لَهُ عَلَى الرَّدِّ كَمَا هُوَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ.