وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ جَامَعَ الْمُشْرِكَ، وَسَكَنَ مَعَهُ، فَإِنَّهُ مِثْلُهُ».
وَقَوْلُهُ: «إِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا» فِيهِ إِيجَابُ النَّفِيرِ، وَالْخُرُوجُ إِلَى الْغَزْوِ إِذَا وَقَعَتِ الدَّعْوَةُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْجِهَادَ فَرْضٌ فِي الْجُمْلَةِ، غَيْرَ أَنَّهُ يَنْقَسِمُ إِلَى فَرْضِ الْعَيْنِ، وَإِلى فَرْضِ الْكِفَايَةِ، فَفَرْضَ الْعَيْنِ: أَنْ يَدْخُلَ الْعَدُوُّ دَارَ قَوْمٍ مِنَ الْمُؤْمِنيِنَ، أَوْ يَنْزِلُ بِبَابِ بَلَدِهِمْ، فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ مِنَ الرِّجَالِ مِمَّنْ لَا عُذْرَ لَهُ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ الْخُرُوجُ إِلَى غَزْوِهِمْ، حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا، فَقِيرًا كَانَ أَوْ غَنِيًّا، دَفْعًا عَنْ أَنْفُسِهِمْ، وَعَنْ جِيرَانِهِمْ، وَهُوَ فِي حَقِّ مَنْ بَعُدَ عَنْهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، فَإِنْ لَمْ تَقَعِ الْكِفَايَةُ بِمَا نَزَلَ بِهِمْ يَجِبُ عَلَى مَنْ بَعُدَ مِنْهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَوْنُهُمْ، وَإِنْ وَقَعَتِ الْكِفَايَةُ بِالنَّازِلِينَ بِهِمْ، فَلا فَرْضَ عَلَى الأَبْعَدِينَ إِلا عَلَى طَرِيقِ الاخْتِيَارِ وَالاسْتِحْبَابِ، وَلا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْقَسْمِ الْعَبِيدُ، وَالْفُقَرَاءُ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَنْ يَكُونَ الْكُفَّارُ قَارِّينَ فِي بِلادِهِمْ، وَلا يَقْصِدُونَ الْمُسْلِمِينَ، وَلا بَلَدًا مِنْ بِلادِهِمْ، فَعَلَى الإِمَامِ أَنْ لَا يُخَلِّيَ سَنَةً مِنْ غَزْوَةٍ يَغْزُوهَا بِنَفْسِهِ، أَوْ بِسَرَايَاهُ حَتَّى لَا يَكُونَ الْجِهَادُ مُعَطَّلا، وَالاخْتِيَارُ لِلْمُطِيقِ لِلْجِهَادِ مَعَ