الْأَنْفَال: 72]، فَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ، عَادَ أَمْرُ الْهِجْرَةِ مِنْهَا إِلَى النَّدْبِ وَالاسْتِحْبَابِ، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ»، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: فَهُمَا هِجْرَتَانِ، فَالْمُنْقَطِعَةُ هِيَ الْفَرْضُ، وَالْبَاقِيَةُ هِيَ النَّدْبُ.
قَالَ الإِمَامُ: الأَوْلَى أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ» أَرَادَ بِهِ: مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ.
وَقَوْلُهُ: «لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ» أَرَادَ بِهَا هِجْرَةَ مَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْكُفْرِ عَلَيْهِ أَنْ يُفَارِقَ تِلْكَ الدَّارَ، وَيَخْرُجَ مِنْ بَيْنِهِمْ إِلَى دَارِ الإِسْلامِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُقِيمٍ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ لَا تَتَرَاءَى نَارَاهُمَا».