قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: وَلا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْفُقَهَاءِ يُبِيحُ دَمَ السَّارِقِ، وَإِنْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ السَّرِقَةُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، إِلا أَنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ عَلَى مَذْهَبِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنْ يُبَاحَ دَمُهُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنَ الْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ، وَلِلإِمَامِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي تَعْزِيرِ الْمُفْسِدِ، وَيَبْلُغَ بِهِ مَا رَأَى مِنَ الْعُقُوبَةِ، وَإِنْ زَادَ عَلَى مِقْدَارِ الْحَدِّ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يُقْتَلُ قُتِلَ، وَيُعْزَى هَذَا الرَّأْيُ إِلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَحَدِيثِ جَابِرٍ إِنْ كَانَ ثَابِتًا، فَهُوَ يُؤَيِّدُ هَذَا الرَّأْيَ.
وَرُوِيَ فِي قَطْعِ السَّارِقِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «اقْطَعُوهُ»، ثُمَّ قَالَ: «احْسِمُوهُ»، وَالْحَسْمُ: أَصْلُهُ: الْقَطْعُ: وَأَرَادَ بِهِ قَطْعَ الدَّمِ عَنْهُ بِالْكَيِّ.
وَعَامَّةُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ السَّارِقَ تُقْطَعُ يَدُهُ مِنَ الْكُوعِ، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ أُصُولِ الأَصَابِعِ، وَرُوِيَ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَارِقٍ، فَقُطِعَتْ يَدُهُ، فَأَمَرَ بِهَا، فَعُلِّقَتْ فِي عُنُقِهِ.
وَلَوْ سَرَقَ