قَالَ الإِمَامُ: اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ السَّارِقَ إِذَا سَرَقَ أَوَّلَ مَرَّةٍ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ إِذَا سَرَقَ ثَانِيًا تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا سَرَقَ ثَالِثًا، بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ وَرِجْلِهِ، فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى، ثُمَّ إِذَا سَرَقَ رَابِعًا تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ إِذَا سَرَقَ بَعْدَهُ يُعَزَّرُ، وَيُحْبَسُ، وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، هُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي السَّارِقِ: «إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ».
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ إِذَا سَرَقَ بَعْدَ مَا قُطِعَتْ إِحْدَى يَدَيْهِ وَإِحْدَى رِجْلَيْهِ، لَمْ يُقْطَعْ وَحُبِسَ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَطْعُ الأَطْرَافِ الأَرْبَعَةِ، وَالْقَتْلُ فِي الْخَامِسَةِ».