هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ
قَوْلُهُ: يُجْنِئُ عَلَيْهَا، أَيْ: يُكِبُّ عَلَيْهَا، يُقَالُ: أَجْنَأَ عَلَيْهِ، يُجْنِئُ: إِذَا أَكَبَّ عَلَيْهِ يَقِيهِ شَيْئًا، وَيُقَالُ: جَنَأَ يَجْنَأُ جُنُوأً إِذَا أَكَبَّ عَلَيْهِ.
قَالَ الإِمَامُ: هَذَا الأَصَحُّ.
قَالَ الإِمَامُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ إِذَا أَصَابَ بِالنِّكَاحِ الَّذِي عَقَدَهُ عَلَى اعْتِقَادِهِ يَصِيرُ مُحْصَنًا، وَأَنَّ أَنْكِحَةَ الشِّرْكِ يُعْطَى لَهَا حُكْمُ الصِّحَّةِ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَمْ يُقِرُّوا عَلَيْهِ بَعْدَ الإِسْلامِ، وَلَمْ يَجِبِ الَّرَجْمُ عَلَيْهِمْ بِالزِّنَا، وَإِذَا كَانَ لَهَا حُكْمُ الصِّحَّةِ يَحْصُلُ بِهَا التَّحْلِيلُ حَتَّى لَوْ طَلَّقَ الْمُسْلِمُ امْرَأَتَهُ الْكِتَابِيَّةَ ثَلاثًا، وَنَكَحَتْ ذِمِّيًا وَأَصَابَهَا، حَلَّتْ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ بِهَذِهِ الإِصَابَةِ، وَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُ إِذَا أَصَابَ زَوْجَتَهُ الْكِتَابِيَّةَ يَصِيرُ مُحْصَنًا حَتَّى لَوْ زَنَى بَعْدَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّجْمُ.
وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ حُرًّا، وَالآخَرُ رَقِيقًا، فَأَصَابَهَا، يَصِيرُ الْحُرُّ مُحْصَنًا بِهَذِهِ الإِصَابَةِ.
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: الأَمَةُ تُحَصِّنُ الْحُرَّ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَاقِلا بَالِغًا، وَالآخَرُ مَجْنُونًا أَوْ مُرَاهِقًا، يَصِيرُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ مُحْصَنًا بِالإِصَابَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَهَلْ يُكْتَفَى بِهَذِهِ الإِصَابَةِ فِي حَقِّ الرَّقِيقِ، وَالْمُرَاهِقِ، وَالْمَجْنُونِ حَتَّى لَوْ عُتِقَ، أَوْ أَفَاقَ، أَوْ بَلَغَ يَكُونُ مُحْصَنًا بِتِلْكَ الإِصَابَةِ؟ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ، مِنْهُمْ