وَأَوْجَبَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَحْمَدُ بِهِ الْحَدَّ، وَاحْتَجَّ مَنْ شَرَطَ التَّكْرَارَ فِي الإِقْرَارِ بِالزِّنَا بِقِصَّةِ مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ، وَإِقْرَارِهِ بِالزِّنَا، وَسَنَذْكُرُهُ مِنْ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُحْصَنَ إِذَا زَنَى، لَا يُجْمَعُ عَلَيْهِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ.
قَالَ الإِمَامُ: وَفِي قَوْلِهِ: «فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» بَيَانُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَعْتَرِفْ لَا حَدَّ عَلَيْهَا، وَإِنْ وَجَبَ عَلَى الْمُقِرِّ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " أَنَّ رَجُلا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقَرَّ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَجَلَدَهُ مِائَةً، وَكَانَ بِكْرًا، ثُمَّ سَأَلَهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَرْأَةِ، فَقَالَتْ: كَذَبَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَجَلَدَهُ حَدَّ الْفِرْيَةِ ثَمَانِينَ ".
قَالَ الإِمَامُ: وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حُضُورَ الإِمَامِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لإِقَامَةِ الرَّجْمِ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ حُضُورَ الإِمَامِ شَرْطٌ، وَإِنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، كَحُضُورِ الشُّهُودِ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: الرَّجْمُ رَجْمَانِ: فَإِنْ كَانَ بِالْحَبَلِ وَالاعْتِرَافِ، يَبْدَأُ الإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ، وَإِنْ ثَبَتَ بِالشُّهُودِ، فَيُبْدَأُ بِالشُّهُودِ، فَيُبْدَأُ بِالشُّهُودِ ثُمَّ الإِمَامِ ثُمَّ النَّاسِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْوِكَالَةِ فِي إِقَامَةِ الْحُدُودِ.