فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ فِي الْمُؤَاخَذَةِ بِضَمَانِ مَا أَتْلَفُوا، وَرَدِّ قَضَائِهِمْ، وَجَرْحِ شَاهِدِهِمْ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا أَظْهَرُوا رَأْيَ الْخَوَارِجِ، وَتَجَنَّبُوا الْجَمَاعَاتِ، وَأَكْفَرُوهُمْ، لَمْ يَحِلَّ بِذَلِكَ قِتَالُهُمْ، بَلَغَنَا أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، سَمِعَ رَجُلا يَقُولُ: لَا حُكْمَ إِلا لِلَّهِ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: " كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ، لَكُمْ عَلَيْنَا ثَلاثٌ: لَا نَمْنَعُكُمْ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ تَذْكُرُوا فِيهَا اسْمَ اللَّهِ، وَلا نَمْنَعُكُمُ الْفَيْءَ مَا دَامَتْ أَيْدِيكُمْ مَعَ أَيْدِينَا، وَلا نَبْدَؤُكُمْ بِقِتَالٍ ".
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ قَتَلُوا وَالِيَهُمْ أَوْ غَيْرَهُ قَبْلَ أَنْ يُنَصِّبُوا إِمَامًا، وَيُظْهِرُوا حُكْمًا مُخَالِفًا لِحُكْمِ الإِمَامِ، كَانَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ الْقِصَاصُ.
قَدْ أَسْلَمُوا وَأَطَاعُوا وَالِيًا عَلَيْهِمْ مِنْ قِبَلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ثُمَّ قَتَلُوهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَلِيٌّ: «أَنِ ادْفَعُوا إِلَيْنَا قَاتِلَهُ نَقْتُلْهُ بِهِ»، قَالُوا: كُلُّنَا قَتَلَهُ، قَالَ: «فَاسْتَسْلِمُوا نَحْكُمْ عَلَيْكُمْ»، قَالُوا: لَا، فَسَارَ فَقَاتَلَهُمْ، فَأَصَابَ أَكْثَرَهُمْ.
قَالَ الإِمَامُ: وَمَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ مِنْ قَتْلِ ذِي الْخُوَيْصِرَةِ، لأَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ مَا يُبِيحُ قَتْلَهُ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ لِحَقِّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَازَ لِلإِمَامِ تَرْكُهُ، وَالإِعْرَاضِ عَنْهُ.
2560 - أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، أَنا أَبُو طَاهِرٍ الزِّيَادِيُّ، أَنا أَبُو حَامِدِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ بِلالٍ، نَا أَبُو الأَزْهَرِ أَحْمَدُ بْنُ الأَزْهَرِ، نَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، نَا سَعِيدُ هُوَ الْجَرِيرِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ،