عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ".
هَذَا حَدِيث مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، وَغَيْرُهُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ
قَوْله: لحسبها.
قيل: الحسبُ: الفعال الْحَسَن للرجل، وآبائه، مَأْخُوذ من الْحساب، وَذَلِكَ أَنهم إِذا تفاخروا، عدَّ كلُّ وَاحِد مِنْهُم مَناقبه، ومآثر آبَائِهِ، وحَسبها، فالحسبُ بِالْجَزْمِ، الْعد، والمعدُودُ «حَسب» بِالنّصب كالعدّ وَالْعدَد، وَقيل: الحسبُ: عَدَدُ ذَوي قرَابَته.
وَقَوله: «تَرِبَتْ يَدَاكَ»، مَعناه: الْحَث والتحريض، وَأَصله الدُّعَاء بالافتقار، ويقَالَ: تَرِبَ الرجلُ: إِذا افْتقر، وأترب: إِذا أيسر وَلم يكن قصدُهُ بِهِ وقوعَ الْأَمر، بل هِيَ كلمة جَارِيَة على أَلْسِنَة الْعَرَب، كَقَوْلِهِم: لَا أَرض لَك، وَلَا أمَّ لَك، وكما قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لصفية حِين حَاضَت: «عقرى حلقي أَحَابِسَتُنا هِيَ».
معناهُ: عقر اللَّه جَسدَها، وأصابها وَجع الْحلق، وَلم يُرد بِهِ وُقُوع الْأَمر، وَقيل: قصد بِهِ وُقُوع الْأَمر، لِأَنَّهُ رأى فِيهِ أَن الْفقر خير لَهُ من الْغنى، وَقيل: أَرَادَ وُقُوع الْأَمر لتعديه ذَوَات الدَّين إِلَى ذَوَات الْجمال وَالْمَال، مَعْنَاهُ: تربت يداك إِن لم تفعل مَا أَمرتك بِهِ، وَالْأول أولى.