وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَقُولُ: «إِذَا خَرَصْتُمْ، فَخُذُوا وَدَعُوا الثُّلُثَ، فَإِنْ لَمْ تَدْعُوا الثُّلُثَ، فَدَعُوا الرُّبُعَ».
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْخَارِصُ يَدَعُ الثُّلُثَ لِلْخِرَفَةِ، وَكَذَا قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الثُّلُثَ وَالرُّبُعَ مَتْرُوكٌ لَهُمْ عَنْ عُرضِ الْمَالِ تُوسِعَةً عَلَيْهِمْ، فَقَدْ يَكُونُ مِنَ السُّقَاطَةِ، وَيَنْتَابُهَا الطَّيْرُ، وَيَخْتَرِفُهَا النَّاسُ لِلْأَكْلِ.
وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَأْمُرُ الْخُرَّاصَ بِذَلِكَ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.
وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ لَهُمْ شَيْئًا شَائِعًا، بَلْ يُفْرَدُ لَهُمْ نَخْلاتٌ مَعْدُودَةٌ قَدْ عُلِمَ مِقْدَارُ ثَمَرِهَا بِالْخَرْصِ.
قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ الْعُشْرِ فِي النَّخِيلِ وَالْكُرُومِ، وَفِيمَا يُقْتَاتُ مِنَ الْحُبُوبِ مِمَّا يَزْرَعْهُ الْآدَمِيُّونَ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَاهَا مِنَ الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى إِلَى أَنَّهُ لَا عُشْرَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجِبُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْفَوَاكِهِ وَالْبُقُولِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجِبُ الْعُشْرِ فِي جَمِيعِهَا.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ إِلَى إِيجَابِ الْعُشْرِ فِي الزَّيْتُونِ، وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ