ابن عبد السلام ليعرف المقبولين والمسخوطين من الشهود ويعرف من حال المحقق والمبطل ما لا يعرفه غير البلدي وهذا هو الراجح ثم قال وأمراء عصرنا يقصدون إلى ترجيح غير البلدي عليه (بلا دين) عليه لانحطاط رتبته بسببه عند الناس ولا يغني عن هذا قوله غني لأنه قد يكون غنيًّا بأشياء إنما تأتي له عند تمام عام فيحتاج للدين فذكر هنا أن من مندوباته كونه بلا دين (و) بلا (حد) في زنا أو قذف أو غيره وظاهره قضى فيما حد فيه أو في غيره بخلاف الشاهد فإنه لا يقبل فيما حد فيه ويقبل في غيره وفرق بأن القضاء وصف زائد يعتبر فيه ما يسقط اعتباره في غيره واستناد القاضي لبينة بخلاف الشاهد فبعدت التهمة والموضوع أنه تاب مما حد فيه بالفعل فإن ترتب عليه ولم يحد وتاب فلا بأس به (و) بلا (زائد) الأولى زيد أو زيادة (في الدهاء) بدال مفتوحة بالمد وهمزته منقلبة عن ياء لا عن واو وهو الفكر وجودة الرأي كما في الصحاح لا شدة العقل كما في تت وغ لمخالفته للغة واقتضاء زيادة زائد وإنما ندب ذلك لأن زيادته تحمله على الحكم بين الناس بالفراسة وتعطيل أبواب الشريعة من إقامة بينة وما أشبه ذلك (و) بلا (بطانة) بكسر الباء الموحدة (سوء) أي يتهم منها السوء وإلا فالسلامة من بطانة السوء واجبة والسلامة منها رأس كل خير وفي المعونة أخص من المصنف وهو أنه يندب له أن يستبطن أهل الخير (و) ندب للقاضي (منع الراكبين معه والمصاحبين له) أي ندب له منع من ذكر من ركوبهم معه ومن مصاحبتهم له لئلا يتوهم أنه لا يستوفي عليهم الأحكام الشرعية إلا أن يحتاج للراكبين في رفع مظلمة أو خصومة أو يكون المصاحبون له أهل أمانة ونصيحة وفضل (و) ندب له (تخفيف الأعوان) من عنده لأنهم لا يسلمون غالبًا من تعليم الخصوم وقلب الأحكام كما عندنا بمصر في المحاكم وينبغي أن يبعد عنه من طالت مدته منهم في هذه الخدمة فإنه يزداد سوءهم بالناس (واتخاذ من يخبره بما يقال في سيرته وحكمه وشهوده) ليعمل بمقتضى الإخبار من إبقاء أو عزل (و) ندب له (تأديب من أساء عليه) أي على القاضي العدل في مجلسه وإن لزم منه الحكم لنفسه لانتهاك حرمة الشرع ولو بغير بينة لأن هذه مما يستند فيه لعلمه والعقوبة في هذا أولى من العفو كما في شرح العاصمية انظر د لا بغير مجلسه وإن شهد عليه به عنده لأنه لا يحكم لنفسه في مثل ذلك فيرفعه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فيما حد فيه ولا تقبل شهادة الشاهد في ذلك بقوله استناد القاضي إلى بينة الخ (وتأديب من أساء عليه) حمل بعض هذا على الوجوب لحرمة الشرع وهو ظاهر كلام ابن عبد السلام وحمله بعض على الندب وهو ظاهر كلام ابن رشد نظرًا إلى أنه كالمنتقم لنفسه انظر ح وهذا إن أساء على القاضي أما على غيره فالوجوب وقول ز أولى من العفو كما في شرح العاصمية الخ بل هو في نظمها ونصه:
ومن جفا القاضي فالتأديب ... أولى وذا الشاهد مطلوب
وهو في نص ابن رشد كما في ح.