{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ} [القصص: 83] وذكر المندوب بقوله: (وندب ليشهر) بضم حرف المضارعة وهو المحفوظ من أشهر وبفتحها من شهر وهو الموافق لقوله الآتي إن شهر عدلًا وربما يدل عليهما كلام الصحاح انظر كر (علمه) للناس لخموله وعدم الأخذ بفتواه قاصدًا بذلك تعليم الجاهل وإرشاد المستفتي لا الشهرة لرفعة دنيوية وكذا يندب لمن يعلم أنه أنهض وأنفع للمسلمين من غيره وكذا لفقير عاجز عن قوته وقوت عياله إلا برزق القضاء من بيت المال أو من مرتب وقف عليه كما اقتصر عليه ابن عرفة وفي ابن ناجي والتبصرة أنه مباح فقط ثم ذكر صفات القاضي الزائدة على ما يجب شرطًا وغير شرط مشبهًا لها في الندب فقال: (كورع) بكسر الراء أي تارك شبهات وبعض مباحات خوف وقوع في محرم (غني) ذي مال غير محتاج بحيث لا تتطلع نفسه لما في يد غيره ولا تتطرق مقالة السوء فيه والغني مظنة لتنزه عن الطمع لأن المال عند ذوي الدين زيادة لهم في الخير والفضل لا سيما من نصب نفسه للناس ولهذا قال الشافعي من تولى القضاء ولم يفتقر فهو سارق ولا ينافي ذلك ما مر من ابن ناجي من إباحته لفقير ليستعين بمرتبه من نحو بيت المال على عياله لأنه في المباح وما هنا في المندوب (حليم) على الخصوم ما لم تنتهك حرمة الله أو يسيء أحد عليه بمجلسه كما يأتي (نزه) أي كامل المروءة بترك ما لا يليق بمثله فلا يصحب الأراذل ولا يجلس مجالس السوء وفسره بعض بقول عمر بن عبد العزيز نزه عن الطمع يدير الحق على من دار عليه ولا يبالي بمن لامه على ذلك (نسيب) أي معروف النسب لئلا يتسارع الناس للطعن فيه وظاهره أن تولية غير النسيب جائزة سواء كان انتفاء نسبه محققًا أولًا وهو كذلك قال ابن رشد من الصفات المستحبة أن يكون معروف النسب ليس بابن لعان اهـ.
وحينئذٍ فتجويز سحنون تولية ولد الزنا موافق للمذهب زاد ولكن لا يحكم في الزنا لعدم شهادته فيه نقله ابن عرفة مستقلًا لا على أن فيه خلافًا فقال وأما المحدود في الزنا فعند أصبغ أنه يحكم فيه ولا يشهد فيه وعن سحنون أنه لا يحكم فيه كولد الزنا انظر د ويأتي قريبًا ما يفيد ترجيح ما لأصبغ (مستشير) لأهل العلم فلا يستقل برأيه وإن مجتهدًا أو أمثل مقلد خوف الخطأ إذ الصواب لا يتقيد به لإمكان كون الصواب عند من هو أدنى منه ويأتي للمصنف وأحضر العلماء أو شاورهم ابن رشد ومن خصاله المستحبة كونه بلديًّا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تتعين بتعيين الإمام إلا القضاء لشدة خطره في الدين وقال ابن مرزوق هذا دليل على أن ولايته من أعظم المحن حيث جازت له مخالفة الإمام هنا ولم تجز له في الجهاد (مستشير) إن حمل قوله بعده وأحضر العلماء أو شاورهم على الوجوب كان مخالفًا لهذا وإن حمل على الندب كان تكرارًا مع هذا (و) قول ز وفرق بأن القضاء الخ هذا الكلام كله لتت وبينه طفى فقال ذكر فرقين الأول بين كون القضاء يطلب فيه أن يكون القاضي غير محدود مطلقًا قضى فيما حد فيه أو غيره بقوله بأن القضاء بوصف زائد والثاني بين كون القضاء يقبل من القاضي