وقد قال بعضهم: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينًا. فتماسك قوة السلف عند واردات الأحوال هو الذي فرَّق بينهم وبين مَنْ قبلهم. ألا ترى أن داود وسليمان -عليهما الصلاة والسلام, وهما أصحاب المزامير, لم يتَّفق لهما الموت كما اتفق لمن مات، وما ذلك من تقصيرهما في الخوف والشوق، ولكن من القوة الربانية التي أمدَّهما بها. ولا خلاف أن داود -عليه الصلاة السلام- وإن لم يمت من الذكر أفضل ممن مات من أمته، وأمَّا نوحه على كونه لم يمت فذلك من التواضع الذي يزيده شوقًا، لا من التقصير عن آحاد أمته، بل لارتفاعه عنهم درجات وزلفى، وإلى هذه القوة الإلهية أشار أبو بكر الصديق -رضي الله عنه, وقد رأي إنسانًا يبكي من الموعظة فقال: هكذا كنّا حتى قست القلوب. عَبَّر عن القوة بالقسوة تواضعًا، ومرتبته بحمد الله محفوظة ومنزلته مرفوعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015