بالشرح في الآية: ما يرجع إلى المعرفة والطاعة, ثم ذكروا في ذلك وجوهًا منها: أنه لما بعث الأحمر والأسود من جني وإنسي, أخرج تعالى عن قلبه جميع الهموم، وانفتح صدره حتى اتسع لجميع المهمات، فلا يقلق ولا يضجر, بل هو في حالتي البؤس والفرح منشرح الصدر, مشتغل بإداء ما كُلِّف.
فإن قلت: لم قال: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} ولم يقل: قلبك.
وأجيب: بأنّ محل الوسوسة الصدر، كما قال تعالى: {يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} [الناس: 5] فإزالة تلك الوسوسة وإبدالها بدواعي الخير هي الشرح، لا جرم خصَّ ذلك الشرح بالصدر دون القلب.
وقد قال محمد بن علي الترمذي: القلب محل العقل والمعرفة، وهو الذي يقصده الشيطان، يجيء إلى الصدر الذي هو حصن القلب, فإذا دخل مسلكًا أغار فيه, وأنزل جنده فيه, وبث فيه الهموم والغموم والحرص, فيضيق القلب حينئذ، ولا يجد للطاعة لذة، ولا للإسلام حلاوة، وإذا طرد العدو في الابتداء حصل الأمن