13 ـ معنى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ "فمن نظر إلى القدر فقط، وعظم الفناء في توحيد الربوبية، ووقف عند الحقيقة الكونية ـ لم يميز بين العلم والجهل، والصدق والكذب، والبر والفجور، والعدل والظلم، والطاعة والمعصية، والهدى والضلال، والرشاد والغيّ، وأولياء الله وأعدائه".
أقول: مقصود شيخ الإسلام: أن هناك حقيقتين:
• الأولى ـ حقيقة كونية:
وهي ما خلقه الله تعالى ودبره وأراده وقدّره من الخير والشر، والتوحيد والشرك، والإسلام والكفر، والظلمة والنور، والعلم والجهل، والظلم والعدل، والبر والفجور، والهدى والضلال، وخلق له أولياء أمثال الأنبياء والمرسلين، وخلق أولياء للشيطان أمثال فرعون وقارون وأبي جهل، وغير ذلك من الأمور الكونية والموجودات الخارجية بقطع النظر عما يحبه الله وشرعه، أو يكرهه ولم يشرعه.
• والثانية ـ حقيقة شرعية:
وهي كل ما يحبه الله تعالى ويرضاه وشرعه لعباده وأمرهم به؛ كالتوحيد والإسلام والإيمان والبر والعلم والعدل وجميع أبواب الخير ونحوها.
وكل ما يكرهه الله تعالى ويمقته ويغضب عليه ولم يشرعه لعباده بل نهاهم عنه، كالكفر والشرك والسحر والكذب والزور والبهتان والظلم والغي والبغي وغيرها من الأمور التي يكرهها الله تعالى، فهذه كلها حقائق شرعية.
ولكن الذين نظروا إلى الكون من حيث إنه مخلوق موجود في الخارج؛ يرى في هذا الكون أولياء الله أمثال الأنبياء والمرسلين.
ويرى في هذا الكون أولياء الشيطان أمثال فرعون وقارون وهامان وأبي جهل وغيرهم.