• الثاني: أنه لابد في كون الأسباب أسباباً من عدم المانع، فإذا جاء المانع لا ينفع السبب فلا يوجد المسبب؛ فالنار سبب للاحتراق إن لم يكن هناك مانع؛ وإلا فلا.

فإن إبراهيم عليه السلام ألقي في النار ولم يحترق، فالنار خلق الله فيها الحرارة لا يحصل الإحراق إلا بها، ولابد من المحل الذي يقبل الاحتراق، وإلا لا يوجد الاحتراق أصلاً، فإن وقع السمندل والياقوت ونحوهما في النار لا يحصل الاحتراق، وقد يطلى الجسم بما يمنع الإحراق فلا يحصل الاحتراق لوجود المانع.

والشمس سبب لوصول شعاعها إلى الأرض بشرط وجود الجسم الذي يقبل انعكاس الشعاع عليه، فإذا حصل حاجز من سحاب أو سقف لم يحصل وصول الشعاع إلى التحت.

الحاصل: أنه لا شيء يستقل ويستغني إلا الله تعالى؛ فكل شيء يفتقر إلى الله تعالى، والله وحده هو الغني الحميد.

10 ـ معنى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ "ولهذا من قال: إن الله لا يصدر عنه إلا واحد ... "

أقول: قصد شيخ الإسلام الرد على الفلاسفة اليونانيين الكفرة ومن سايرهم من المنتسبين إلى للإسلام كابن سينا وغيره من الملاحدة، حيث قالوا: إن الله واحد فلا يصدر عنه إلا واحد.

وفي هذا القول فسادان:

• الفساد الأول: أنه يدل على أن الله تعالى غير مريد ولا مختار في خلق المخلوقات؛ بل هو مضطر مجبور، حيث صدر منه واحد بالاضطرار بدون الاختيار.

• الفساد الثاني: أن هذه القضية كاذبة في نفسها؛ فإنه لا يوجد دليل على أن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد، بل الحق والصدق أن الواحد يصدر عنه أشياء كثيرة. كما قال تعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} [الذاريات: 49]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015