هذا أول جواب وهو يتعلق بالوجود والعدم.
والجواب الثاني: أن الحياة والموت والعلم والجهل وإن كانا من قبيل العدم والملكة عندكم، ولكن هذا اصطلاح خاص بكم لا نسلم به فإن هذا اصطلاح يصادم الشرع والعقل واللغة:
أما الشرع: فقد أطلق الله تعالى على الجماد أنه ميت، فقال تعالى: {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ} [النحل: 21] فسمى الجماد ميتاً.
وهكذا أهل اللغة: يسمون الجماد ميتاً، والعقل يحكم أن الشيء إذ لم يكن حياً فهو ميت.
والجواب الثالث: أننا لو سلمنا اصطلاحكم، نقول لكم: إن المتصف بالحياة والبصر والعلم أفضل ممن لا يتصف بها، فكيف تنفون عن الله تعالى الحياة والبصر والعلم وتصفون المخلوق بهذه الصفات الكمالية.
فقد جعلتم المخلوق أفضل من الخالق وهذا غاية الشناعة في التشبيه.
12 ـ معنى قول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: "وهؤلاء الباطنية منهم من يصرّح برفع النقيضين: الوجود والعدم، ورفعهما كجمعهما".
أقول: معناه أن طائفة من الباطنية تزعم أن الله لا موجود ولا معدوم فيرفعون الوجود والعدم.
ولا شك أن نفي الوجود والعدم عن الله تعالى كجمعهما في البطلان، كمن قال: إن الله معدوم وموجود وكلاهما من أوضح الأباطيل.
13 ـ معنى قول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: "ومن يقول: لا أثبت واحداً منهما" إلى آخره.
معناه: أن هذا الباطني الجهمي المعطل الغالي يزعم أنه لا يقول: إن الله عالم كما لا يقول إنه جاهل، كما أنه لا يقول إنه حي كذلك لا يقول إنه ميت فلا يثبت هذا ولا هذا، بل يتوقف في ثبوت كل واحد منها.