فيثبتون لله الإرادة، ولكن ينفون عنه الغضب بشبهة التشبيه، لأن الغضب عندهم غليان دم القلب بطلب الانتقام، والله تعالى منزه عن الدم والقلب فإذا ثبت لله تعالى "الغضب" صار مشابهاً لخلقه.
هذه كانت شبهة التشبيه فعارضهم شيخ الإسلام وقال لهم: قولكم هذا متناقض متهافت مضطرب لأنكم نفيتم "الغضب" بحجة التشبيه فهلا نفيتم عنه "الإرادة" مع أن الإرادة ميل النفس إلى جلب المنفعة أو دفع المضرة، والله تعالى منزه عن ميل النفس عندكم وكذا عن جلب المنفعة ودفع المضرة لأنه غني غير محتاج، هذه كانت المعارضة الأولى والمعارضة الثانية هي:
أنه إن قالوا في الجواب: إن هذه إرادة المخلوق لا إرادة الخالق، فيقال لهم: هذا غضب المخلوق دون غضب الخالق، فلا تشبيه البتة.
إذاً لا بد من إثبات الصفات كلها من غير تفريق.
10 ـ معنى قول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: "عدم الدليل المعين لا يستلزم عدم المدلول المعين".
معناه: أن المدلول (الدعوى) أو (المطلوب) قد تكون له أدلة كثيرة.
فإذا انتفى دليل واحد لا يستلزم ذلك انتفاء ذلك المدلول، لأن ذلك المدلول ثابت بأدلة أخرى غير ذلك الدليل.
فانتفاء الدليل المعين الخاص لا يستلزم انتفاء المدلول.
مثال ذلك: أن الشمس ثابتة بأدلة كثيرة منها الحس ومنها النور ومنها الحرارة فإذا انتفى دليل النور في الأعمى مثلاً لا يستلزم انتفاء الشمس.
لأن الشمس ثابتة بدليل النور وبدليل الحرارة أيضاً.
11 ـ معنى قول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: "فإن قلت: إنما يمتنع نفي النقيضين عما يكون قابلاً لهما وهذا يتقابلان تقابل العدم والمَلَكة، لا تقابل السلب والإيجاب، فإن الجدار لا يقال له: أعمى ولا بصير، ولا حي ولا ميت ... ".
أقول: هذا الكلام يحتاج إلى ذكر عدة من المصطلحات المنطقية.