ويدل على ما قلناه أيضًا أنا قد اتفقنا على أن الضبع لا تقتل وأنها مضمونة بالجزاء متى قتلت؛ والعلة في ذلك أنها حيوان ممتنع برى لا يبتدئ بالضرر في الغالب؛ فكذلك الثعلب وما أشبهه.
فإن قيل: العلة في ذلك أنه مما يؤكل لحمه؛ فلهذا كان عليه الجزاء. وليس كذلك في مسألتنا؛ لأنه لا يؤكل لحمه؛ فلم يكن فيه جزاء.
قلنا: ينتقض هذا على أصلكم بالحمار المتولد بين الأهلي والوحشي، وأن الشافعي نص على منع أكله، وفيه الجزاء متى قتله. وكذلك المتولد بين الذئب والضبع - وهو السبع - لا يؤكل عندك وفيه الجزاء.
فإن قيل: لأنه متولد مما لا يؤكل لحم شيء من جنسه؛ فلم يجب الجزاء في قتله.
أصله: الذئب.
واحترزوا بهذا من المتولد بين الحمار الأهلي والوحشي؛ لأنه متولد عما يؤكل لحم شيء من جنسه، ومن المتولد بين الذئب والضبع؛ لأن الضبع تؤكل عندهم.
والجواب: أن الضبع لا تؤكل عندنا، ومجراها مجرى سائر السباع.
ولأن إباحة الأكل وتحريمه إذا لم تؤثر في الصيد المقتول نفسه فهو بأن لا تؤثر إذا وجد في أصله أولى.
وعلى أن المعنى في الذئب ابتداؤه بالضرر في الغالب.
وبالله التوفيق.