فكأنه قال عز وجل: وحرم عليكم أن تصيدوا في البر ما دمتم حرمًا. وهذا على عمومه.
فإن قيل: هذه الظواهر لا تتناول موضع الخلاف من قبيل أن الصيد اسم موضع لما يؤكل، فإذا استعمل فيما لا يؤكل فبقرينة؛ يبين ذلك قوله سبحانه: {لا تقتلوا الصيد} حصر لما كان حلالًا أكله قبل الإحرام.
فأما من كان أصله محرمًا فهو على الأصل.
فعلم بذلك أن اسم الصيد لا يتناول السباع والخنازير والطير التي لا تؤكل.
قلنا: إن الصيد اسم للمتمتع المتوحش في البر، واسم الاصطياد نطق على ذلك كله. وأهل اللغة لا يفرقون في ذلك بين ما يؤكل وبين ما لا يؤكل؛ ألا ترى أنهم يقولون: اصطاد فلان سبعًا وذئبًا وفهدًا وظبيًا وغزالًا، ولا يقولون: صاد جملًا وشاة؟ وإنما افترق الحكم في ذلك؛ لوجود الامتناع والتوحش في إحدى الجنسين وعدمه في الآخر.
فإن قيل: إنما يقولون ذلك بقرينة؛ لأنهم لا يقولون: صاد سبعًا فقتله، ويقولون: صاد ظبيًا فأكله؛ فعلم أن قولهم صاد سبعًا معناه: قتل سبعًا.
قلنا: هذا باطل من وجوه.
أحدهما: أنهم يقولون: صاد سبعًا ويسكتون على هذا من غير أن