فصل
فأما قوله: إن الثلاثة الأشواط الأول خيب، والباقي مشى. فلأن ذلك مروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجماعة أصحابه؛ فيجب الأقتداء بهم؛ فروى مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رمل الثلاثة الأطواف من الحجر إلى الحجر.
وروى حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول يسعى ثلاثة أطواف، ويمشى أربعًا.
وقد رورى ذلك عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وابن عمرن وابن مسعود، وأبو سعيد الخدري، وابن الزبير، وجماعة من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم.
والسبب في ذلك ما ذكره ابن عباس، ورواه حماد بن زيد عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة وقد وهنتهم حمى يثرب. فقال المشركين: إنه يقدم عليكم قوم وهنتهم حمى يثرب ولقوا منه شرا فأطلع الله عز وجل نبيه - صلى الله عليه وسلم - على ما قالوا؛ فأمرهم أن يرملوا الأشواط الثلاثة، وأن يمشوا بين الركنين. فلما رأوهم رملوا قالوا: هؤلاء الذين ذكرتم أن الحمى قد [ق/ 137] وهنتهم، هؤلاء أجلد منا.