قال: "إن الله يحب أن تقبل رخصه كما يحب أن تقبل عزائمه" وأيضًا فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقت المواقيت لأهل الآفات؛ فثبت أن ذلك هو الأصل في المواقيت؛ فوجب أن يكون الإحرام منها على كل وجه إلا ما قام عليه الدليل.
وأيضًا فإنه صلى الله عليه وسلم قد حج واعتمر عمرًا، ولم ينقل أنه أحرم إلا من الميقات؛ فوجب أن يكون ذلك هو الأفضل.
وأيضًا فإن حالة الإحرام حالة تشق وتصعب؛ لما ذكرناه من أنه تمنع الطيب والوطء واللباس وغير ذلك، فإذا أحرم من منزله وقد يكون بعيدًا من الميقات لم يؤمن منه أن يتخطى إلى بعض ما هو ممنوع منه في الإحرام؛ فاستحب له ترك ذلك إلى الميقات؛ ليسلم من التغرير فيه.
وأيضًا فإن الإحرام له ميقاتان: أحدهما: الزمان، والآخر: المكان. فلما كره له التقدم على الزمان؛ فكذلك التقدم على المكان.
فإن قيل: فقد قال الله تعالى:} وأتموا الحج والعمرة لله {، فقال عمر بن الخطاب [ق/ 132]،وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهما -: إتمامها أن تحرم من دويرة أهلك.