شرح الرساله (صفحة 545)

وفي حديث آخر: زكاة الفطر بلى ذكر فرض. فأخبر عن صفة الزكاة، وعن علة فرضها، وهي كونها طهرة للصائم، فنفى بذلك وجوبها عن الكافر، ولأنه ليس بصائم، فلا تكون طهرة له.

فإن قيل: فليس في الخبر ذكر لصائم دون صائم، فيقول: إنها طهرة للسيد.

قلنا: هذا فاسد من وجهين:

أحدهما: إن الظاهر أن المراعي في الطهرة للصائم والمخرج عنه، لا المخرج، لأن ما طريقه التكفير من اللغو والرفث لا يحصل بالأداء عن الغير.

والوجه الآخر: إن الإجماع حاصل على أن طهرة الشخص الواحد صاع واحد، وأنتم توجبون عليه صاعين:

أحدهما عنه، والآخر عن غيره، فيصير الصاع الآخر طهرة عن ليس بصائم.

وأيضًا قوله صلى الله عليه وسلم: "على كل حر وعبد ذكر وأنثى من المسلمين" فدل ذلك على أن الكفارة بخلافهم، وأنه ليس من أهل الطهرة، فلم يلزم أن تخرج عنه الفطرة.

دليله: العبد الكافر إذا كان لكافر، والأبوان الكافران. ولأن حال السيد آكد من حال عبده، وقد ثبت أن السيد لو كان كافرًا لم تلزمه فطرة نفسه، فبأن لا تلزمه عن غيره أولى.

ولأن الاعتبار بالمؤدي عنه لا بالمؤدي، يدلك عليه أن المسلم يلزمه أداء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015