شرح الرساله (صفحة 531)

باجتهادهم؛ على ما ستذكره.

وأما في تحريم غيره وترك سائر الأدلة له فلا.

وكذلك فقد أثبتنا في إجماعهم من طريق النقل وهو الذي يعتمد في كثير من المسائل.

وأما تقسيمهم أن ذلك لا يخلو أن يكون عن سنة عملوها أو بدعة أحدثوها فقد أخلو فيه بقسم آخر؛ وهو أن يكون عن اجتهاد واعتقاد كون الأمر على ما صاروا إليه، وليس في هذا أنهم أحدثوا شرعًا ابتدعوه، ولا أنه لابد أن يكون الأمر على ما ادعوه.

والله أعلم.

فصل

فإذا ثبت هذا فمتى نزلت حادثة لا نص فيها فقال أهل المدينة فيها قولاً من طريق الاجتهاد، وأدى غيرهم من أهل الأمصار اجتهادهم إلى قول يخالفه؛ فرجح القولان؛ فإن اجتهاد أهل المدينة أولى من اجتهاد غيرهم.

وقال أبو حنيفة وأصحابه الشافعي: إن اجتهادهم واجتهاد غيرهم سواء.

ورأيت بعض من صنف الأصول من أصحاب الشافعي يذكر أن الخبرين إذا تعارضا وقد عمل بأحدهما أهل المدينة فإنه يرجح على الخبر الآخر؛ ويحتج في ذلك بما نحتج في هذه المسألة.

والذي يدل على ما قلناه: أن الترجيح إنما يثمر قوة الظن فيكون القول الذي يقاربه أقرب إلى الحق، وأولى إلى الصواب، ووجدنا العلماء قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015