شرح الرساله (صفحة 176)

فإن قيل: ليس في إفطاره إبطال لم مضى من الإمساك؛ لأن ثوابه قد حصل له.

قيل له: ليس الأمر كذلك؛ لأنه إذا اختار قطعه سقط ثوابه عليه، وصار كأنه لم يفعل شيئا، وإنما حصول الثواب له مشروطا بتمام العمل.

ويدل على ما قلناه أيضا قوله تعالى: {ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها}؛ فذم من ألزم نفسه طاعة الله عز وجل ابتداء ثم تركها ولم يرعها، وألحق الوعيد به؛ فكان في ذلك أقوى التنبيه على وجوبه.

ويدل على ذلك قوله تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل}؛ فالتعلق في عموم هذا الظاهر في كل صيام وكل صوم في [ق/ 40 أ] وجوب إتمام إلى الليل فرضا كان أو نفلا.

ويدل على ذلك أيضا قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الأعرابي حيث سأله عن الإسلام فذكر له الصلاة والصيام. فقال: هل علي غيرهن؟ قالا: "لا إلا أن تطوع"، وهذا يدل على أن من تطوع به فقد صار عليه، وإذا صار عليه لزمه إتمامه، ولم يجز له تركه إلا بدليل.

فإن قيل: إن هذا دليلنا؛ لأن الأعرابي لما سأل عما فرض الله عليه لم يقل له النبي صلى الله عليه وسلم في جواب ذلك: وصيام التطوع إذا دخلت فيه.

فالجواب أن هذا لا يلزم من وجهين:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015