والمصدري يطلق بمعنى الإرث وهو المقصود هنا (بَابُ أَسْبَابِ الْمِيْرَاث) أي باب أسباب الإرث، إرث والميراث هنا مصدر، والإرث كذلك مصدر، وعلى هذا المعنى ميراث بمعنى الإرث يعرّف في اللغة بالبقاء وانتقال الشيء من قوم إلى قوم آخرين، وسبق شرح هذا الحدّ، وكذلك يطلق بمعنى اسمي، وإذا كان كذلك حينئذٍ يصير مصدرًا بمعنى اسم المفعول، والمصادر بمعنى اسم الفاعل وبمعنى اسم المفعول هذا استعمال شرعي كان بعضهم يدَّعِي أنه مجاز لكنه لكثرته قد لا يقال بأنه مجاز، ويُطلق بمعنى الموروث فهو من إطلاق المصدر إرادة اسم المفعول، ويعرف في اللغة بأنه الأصل والبقية، ولذلك جاء في خبر مسلم "" اثبتوا على مشاعركم إنكم على إرث أبيكم إبراهيم ". أي أصله وبقيته منه، حينئذٍ يكون الإرث هنا أو الموروث [بمعنى البقاء] بمعنى البقية، وشرعًا - وهو الذي وقفنا عنده - بأنه يعرّف: حقُّ قابل للتجزي يثبت للمستحق بعد موت من كان له ذلك لقرابة بينهما أو نحوها. هذا تعريف الميراث بمعنى الموروث، حقٌ إذًا شيء ثابتٌ يوصف بكونه حقًّا، والحق ضده الباطل، وهنا الأحقية جاءت من جهة الشرع الذي حكم بهذا هو الشرع، ولذلك ثبت أنه حق، والإرث كما هو معلوم تمليك قهري ليس اختياريًّا، فقد تمتلك الشيء باختيارك تذهب وتشتري .. إلى آخره، وأما الإرث فلا، لأنه يكون بموت صاحبه حينئذٍ ينتقل مباشرة قهرًا ولو لم يرض. إذًا هو حق جاء من جهة الشرع، وحق كلمة حق لا تختص بالمال، وإنما تتناول المال وغيره كالقصاص مثلاً، وهذا يورث والشفعة كذلك تورث، والخيار خيار العيب وخيار الشرط، هذه على خلاف بين الفقهاء تُورَث أم لا؟ إذًا الحق لا يختص بالمال، بل يشمل المال وغيره. إذًا قوله: حق جنس يتناول المال وغيره، كالخيار والشفعة والقصاص، قابلٍ للتجزي يعني أن يفرز ويقسم، لأن بعض الحقوق قد تنتقل لكنها لا تقبل التجزيء، والولاية في النكاح تنتقل لكنها ليست قابلة للتجزيء، إما العمّ وإما الابن .. إلى آخر، ولا يقول: هذا وذاك يشتركان في ولاية النكاح، بل هي شيء واحد ولا تقبل التجزي. إذًا قابل للتجزي خرج الولاء والولاية على النكاح إذْ ينتقلان بالموت لمن له حق في العصوبة ولو بعيدًا، وكذلك لا يقبل الفرز والقسمة، لمستحق يثبت لمستحق.