هذه التعاريف للشرط والمانع والسبب، هي المشهورة لسهولتها، وإلا عند التحقيق فثَمَّ تعاريف أخرى قد تكون أولى، ولذلك عرفه الآمدي بأنه كل وصف ظاهرٍ منضبطٍ معرف لحكم شرعي.

السبب قد يكون شرعيًّا وقد يكون حسيًّا وقد يكون عاديًّا، والمراد هنا بالأسباب (بَابُ أَسْبَابِ الْمِيْرَاث) الأسباب العقلية، أو الطَّبَعِيَّة العادية، أو الشرعية؟ الشرعية، حينئذٍ يختص الحكم بالسبب الشرعي وعليه ينطبق تعريف الآمدي، ما يلزم من وجوده الوجود، ما وصف معنى شيء يلزم من وجوده الوجود، وهذا يفارق السبب الشرط، فالشرط لا تلازم بينهما، قد يوجد الشرط ولا يوجد المشروط، وأما السبب فلا، إذا وُجدا السبب لزم منه ترتب المسبب عليه، أليس كذلك؟ ولذلك قال: ما يلزم من وجوده. من وجوده هذا الوصف الذي حكمنا عليه بأنه سببٌ وجود المسبب كالزوال بالنسبة لصلاة الظهر، والنكاح بالنسبة لترتب الإرث والتوريث، ما يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم، يعني: ومن عدم هذا الوصف الذي أطلقنا عليه أنه سبب عدمُ المسبب، فلا يوجد المسبب عند انتفاء السبب، لذاته هذا راجعٌ للنوعين: الوجود، والعدم. لأنه قد يوجد السبب ولا يوجد المسبب، إما الوجود مانع، أو لفقد شرطه، كالزوجية مثلاً فإنها سبب للإرث بين الزوجين، الزوجية سبب وهي: نكاحٌ، عقد الزوجية الصحيح، الزوج يرثُ الزوجة، والزوجة ترث الزوج إذا مات واحدُ منهما قبل الآخر ورث الثاني إن كان عنده شيء، فإنها سبب للإرث بين الزوجين، فيلزم من وجودها وجود الإرث، ويلزم من عدمها عدم الإرث، إذًا هذان شِقَّان يلزم من وجوده وجود، والشق الثاني من عدمه العدم، والثالث هذا بعضهم يرى أنه يحذف ولا يذكر، لأنه إذا انتفى السبب لقيام مانع، أو فقد شرط حينئذٍ لم ينتفِ لذات السبب، والكلام هنا إنما لذات الشيء لا لشيءٍ طرأ على السبب، وخرج الشرط، فقوله: ما يلزم من وجوده الوجود. خرج به المانع، إذ يلزم من وجوده العدم كالقتل مثلاً إذا وجد لزم منه عدم الإرث، الرق، اختلاف الدين، هذه موانع يلزم من وجودها العدم، يعني: عدم الإرث، وخرج الشرط إذ لا يلزم من وجوده وجود ولا عدم، فقوله: لذاته. راجع للوجود والعدم، وذلك القرابة مثلاً فإنها سبب من أسباب الإرث، فإن قام بها مانع من قتل ونحوه، القرابة موجود سبب يترتب عليه المسبب وهو الإرث، لكن قد يكون هذا القريب قاتلاً، حينئذٍ وجد السبب ولم يترتب عليه المسبب، لماذا؟ هل هو لذات السبب أو الشيء آخر طارئ؟ الثاني وهو كونه قد قام به مانعٌ من تأثير السبب في ترتب المسبب عليه، فإنها سبب من أسباب الإرث فإن قام بها مانعٌ من قتل ونحوه منع من الإرث، فالإرث نظرًا لذات القرابة والمانع منه لا لذات القرابة وإنما هو لأمرٍ طارئ، إذًا قد يقترن بالسبب مانعٌ أو فقد شرط كالقتل مثلاً مع القرابة، أو عدم تحقق حياة الوارث بعد موت المورث حينئذٍ نقول: وجد السبب وهو القرابة وانتقى المسبب. لماذا؟ إما لقيام مانع وهو القتل مثلاً، أو لعدم تحقق حياة موت المورث وهو شرط، فإذا لم نتحقق حينئذٍ نقول: هذا السبب لا يترتب عليه المسبب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015